اسم الکتاب : فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء المؤلف : ابن عربشاه الجزء : 1 صفحة : 115
فقبل الشاب وصية أبيه ثم توجه في حشمه وذويه بقصد جميل ومال جزيل فمكث غير بعيد ثم عاد وهو سعيد فقال له أبوه حبيت وحييت ما أسرع ما جبت قل لي أين ذهبت وماذا اكتسبت فقال يا أبت امتثلت مرسوك الكريم واكتسبت بالمال كل ولي حميم وقد جئت بهم زمراً وعدتهم خمسون نفراً كل منهم صديق صادق ورفيق موافق في الفضل بارع وإلى الخير مسارع وفي الرخاء صادق الإخاء وفي الشدة أوفى عده قال أبوه يا بني كيف تصفهم بهذه الصفة وتعرفهم بهذه المعرفة ولم تجربها في قضية ولا واقعة صعبة أو رخيه وقد قيل:
لا تمدحن امرأ حتى تجربه ... ولا تذمه من غير تجريب
وقد قيل أيضاً:
إذا رمت تصفي لنفسك صاحباً ... فمن قبل أن تصفي له الود أغضبه
فان كان في وقت التغاصب راضياً ... وإلا فقد جربته فتجنبه
(وقيل أيضاً) :
الناس أكيس من أن يمدحوا رجلاً ... ما لم يروا عنده آثاراً حسان
واعلم يا ذا اللطائف أني خائف أن يكون أصحابك وأصدقاؤك وأحبابك مثل أصحاب الرئيس المدير الخامل النفيس الذين رعوه في روض وفره وتركوه في قفر قفره قال ابنه يا أبت كيف ورد ذلك وثبت قال التاجر ذكر رواة الأخبار أنه كان في بعض الأمصار رجل رئيس كبير نفيس له أموال وافرة وجهات متكاثرة وأماكن عامرة وضياع ومزدرعات وبساتين واقطاعات وعقار له ارتفاعات فكان ولده يمد يده إلى كل معصية ومفسده ويجترئ ذلك السفيه على كل ما يلوح له
اسم الکتاب : فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء المؤلف : ابن عربشاه الجزء : 1 صفحة : 115