responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح السير الكبير المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 306
فَعَرَفْنَا أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْإِيمَانِ مِنْ الْمُسْلِمِ، فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْأَمَانِ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِ، وَلَكِنَّهُ إنْ قَتَلَ إنْسَانًا عَمْدًا يُقْتَلُ بِهِ قِصَاصًا، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حُقُوقَ الْعِبَادِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ.
420 - وَإِنْ قَذَفَ مُسْلِمًا يُضْرَبُ الْحَدُّ. لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ أَيْضًا، فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ صِيَانَةً لِعَرْضِهِ. وَلِهَذَا تُسْمَعُ خُصُومَتُهُ فِي الْحَدِّ، وَلَا تُسْتَوْفَى إلَّا بِهِ. فَأَمَّا مَا أَصَابَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْحَدِّ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، فَالْخِلَافُ فِيهِ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ.
421 - وَاسْتَدَلَّ بِصِحَّةِ مَذْهَبِهِ هُنَا، بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ هَلْ تُقَامُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْحُدُودُ. فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: لَا يُقَامُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، لَكِنْ يُرْفَعُونَ إلَى حَاكِمِهِمْ لَيُقِيمَهَا عَلَيْهِمْ. وَذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. فَاخْتِلَافُهُمْ فِي ذَلِكَ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ، يَكُونُ اتِّفَاقًا مِنْهُمْ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْمَنِ أَنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ. وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ بِذَلِكَ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ لِوُرُودِ النَّصِّ. فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ بِرَجْمِ الْيَهُودِيِّ» ، وَلَكِنَّ وُرُودَ النَّصِّ فِي الذِّمِّيِّ، لَا يُوجِبُ ذَلِكَ الْحُكْمَ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْمَنِ. لِأَنَّ الذِّمِّيَّ مُلْتَزِمٌ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ، فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارنَا، فَيُقَامُ عَلَيْهِمْ الْحُدُودُ كُلُّهَا إلَّا حَدَّ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ شُرْبِهِ، وَبِدُونِ اعْتِقَادِ الْحُرْمَةِ لَا يَتَقَرَّرُ السَّبَبُ. فَأَمَّا الْمُسْتَأْمَنُ لَا يَصِيرُ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا وَلَا الْتَزَمَ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِنَا، وَإِنَّمَا دَخَلَ دَارَنَا لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ. ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى دَارِهِ. وَلِهَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ.

اسم الکتاب : شرح السير الكبير المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 306
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست