responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح السير الكبير المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 1784
الْكِتَابَ} [آل عمران: 187] . وَفِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: 81] . وَالْمُرَادُ الْإِلْزَامُ عَلَى أَبْلَغِ الْوُجُوهِ، فَهَذَا مِثْلُهُ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا بَيَانَ وُجُوهِ الْغَدْرِ، فَجَمِيعُ هَذِهِ الْأَيْمَانِ عَلَيْهِ، اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا رَاعٍ كَفِيلٌ، وَالذِّمَّةُ مِنْهُ بَرِيئَةٌ فَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مُرَادَهُ مِمَّا سَبَقَ ذِكْرُ الْقَسَمِ.
تَمَّ خَتَمَ الْكِتَابَ بِذِكْرِ التَّارِيخِ، وَقَدْ بَيَّنَ التَّارِيخَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَذَلِكَ كَافٍ، إلَّا أَنَّهُ أَعَادَهُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ لِلتَّأْكِيدِ، فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ إلَّا حُرْمَةُ الْقِتَالِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ تَمَامِ الْكِتَابِ وَالْإِشْهَادِ، فَلَوْ اكْتَفَى بِمَا ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ رُبَّمَا يَدَّعِي أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ مُضِيَّ مُدَّةٍ بَيْنَ أَوَّلِ الْكِتَابِ وَآخِرِهِ يُعَارِضُ. وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ، فَلِهَذَا خَتَمَ الْكِتَابَ بِذِكْرِ التَّارِيخِ أَيْضًا، وَالْأَصْلُ فِي التَّارِيخِ مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، كَتَبَ إلَى عُمَّالِهِ، إذَا كَتَبْتُمْ إلَيَّ فَاذْكُرُوا التَّارِيخَ فِي الْكِتَابِ. ثُمَّ جَمَعَ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَشَاوَرَهُمْ فِي ابْتِدَاءِ مُدَّةِ التَّارِيخِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُجْعَلُ التَّارِيخُ مِنْ وَقْتِ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فَكَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَعْضِ التَّشَبُّهِ بِالنَّصَارَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُجْعَلُ التَّارِيخُ مِنْ حِينِ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فَكَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْمُصِيبَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّكُمْ لَنْ تُصَابُوا بِمِثْلِي» . فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ جَعَلُوا التَّارِيخَ مِنْ وَقْتِ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ ظُهُورَ أَعْلَامِ الدِّينِ كَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَأَمْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ إنَّمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَجَعَلُوا التَّارِيخَ مِنْ وَقْتِ الْهِجْرَةِ لِهَذَا.

اسم الکتاب : شرح السير الكبير المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 1784
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست