responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح السير الكبير المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 109
وَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ جَرَى الرَّسْمُ بِالْمَدِينَةِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْهُمْ مَيِّتٌ يَبْدَءُونَ بِالْبُكَاءِ لِحَمْزَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَالرِّجَالُ فِي تَعْزِيَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا يَقُولُونَ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَزِيدُونَ عَلَى ذَلِكَ.
104 - ثُمَّ أَعَادَ الْحَدِيثَ بِطَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَزَادَ فِي آخِرِهِ: «فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ يَبْكِينَ. فَقَالَ: يَا وَيْحَهنَّ إنَّهُنَّ لَهَا هُنَا مُنْذُ الْيَوْمِ. فَلْيَرْجِعْنَ وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ» .
فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَخَذَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَالَ: هَذِهِ رُخْصَةٌ كَانَتْ يَوْمَئِذٍ، وَقَدْ انْتَسَخَتْ بِمَا ذُكِرَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ. وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ قَدْ انْتَسَخَ وَلَا رُخْصَةَ فِيهِ، عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «النَّائِحَةُ وَمَنْ حَوْلَهَا مِنْ مُسْتَمِعِيهَا عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» .
وَأَمَّا الْبُكَاءُ مِنْ غَيْرِ رَفْعِ الصَّوْتِ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ إبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَلَيْسَ قَدْ نَهَيْتنَا عَنْ الْبُكَاءِ؟ فَقَالَ: إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ، وَأَمَّا هَذِهِ رَحْمَةٌ يَجْعَلُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِ الرُّحَمَاءِ. الْعَيْنُ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبُ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبُّ» . وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ سَمِعَ امْرَأَةً وَهِيَ تَبْكِي عَلَى وَلَدِهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَهَاهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دَعْهَا يَا عُمَرُ، فَإِنَّ الْقَلْبَ حَزِينٌ، وَالنَّفْسَ مُصَابَةٌ، وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ» . وَلَكِنْ مَعَ هَذَا؛ الصَّبْرُ أَفْضَلُ عَلَى مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] .

اسم الکتاب : شرح السير الكبير المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست