اسم الکتاب : تخريج الدلالات السمعية المؤلف : الخزاعي، علي بن محمد الجزء : 1 صفحة : 480
مسعود لحق، ما يريد القوم إلا أن يقاتلوا، فإن رأوا فرصة انتهزوها وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم وخلّوا بينكم وبين الرجل في بلدكم، فأرسلوا إلى قريش وغطفان إنّا والله لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا فأبوا عليهم، وخذّل الله تعالى بينهم، وبعث عليهم الريح في ليال شاتية شديدة البرد، فجعلت تكفأ قدورهم، وتطرح آنيتهم، فلما انتهى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما اختلف من أمرهم، وما فرق الله من جماعتهم دعا حذيفة بن اليمان فبعثه ليلا لينظر ما فعل القوم.
فحدث حذيفة رحمه الله تعالى ورضي عنه وقد قال له رجل من أهل الكوفة:
يا أبا عبد الله أرأيتم رسول الله وصحبتموه؟ قال: نعم يا ابن أخي، قال: فكيف كنتم تصنعنون؟ قال: والله لقد كنا نجهد، قال الرجل: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ولحمناه على أعناقنا، فقال حذيفة: يا ابن أخي لقد رأيتنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالخندق، وصلّى هويّا من الليل ثم التفت إلينا فقال: من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع؟ - يشترط له رسول الله صلّى الله عليه وسلم الرجعة- أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة، فما قام رجل من القوم من شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد؛ فلما لم يقم أحد دعاني، فلم يكن لي بدّ من القيام حين دعاني، فقال: يا حذيفة، اذهب فادخل في القوم فانظر ما يفعلون، ولا تحدثنّ شيئا حتى تأتينا، فذهبت فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقرّ لهم قدرا ولا نارا ولا بناء، فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش لينظر امرؤ من جليسه، قال حذيفة: فأخذت بيد الرجل الذي إلى جنبي فقلت: من أنت؟ فقال: فلان بن فلان، وذكر ابن عقبة أنه فعل ذلك بمن يلي جانبيه يمينا ويسارا، قال: وبدرهم المسألة خشية أن يفطنوا له. قال حذيفة: ثم قال أبو سفيان:
يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، هلك الكراع والخفّ، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون، ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فإني مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب على ثلاث، فما أطلق عقاله إلا وهو قائم،
اسم الکتاب : تخريج الدلالات السمعية المؤلف : الخزاعي، علي بن محمد الجزء : 1 صفحة : 480