responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 53
وَمِنْهَا فِي " مُعِينِ الْحُكَّامِ "، إذَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ كُلِّفَ الْخَصْمُ الْجَوَابَ عَنْهَا مَكَانَهُ إنْ فَهِمَهَا وَأَحَاطَ بِهَا عِلْمًا وَإِنْ كَانَ فِيهَا إشْكَالٌ أَوْ طُولٌ أُمْهِلَ بِحَسَبِ ذَلِكَ، فَإِنْ امْتَنَعَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ الْجَوَابِ أُكْرِهَ بِالسَّجْنِ وَالْأَدَبِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ اسْتَلَجَّ فِي الْإِبَايَةِ وَالتَّمَادِي عَلَيْهَا عُدَّ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْهُ إقْرَارًا بِحَقِّ الطَّالِبِ وَقَضَى لَهُ بِلَا يَمِينٍ.

وَمِنْهَا إذَا تَوَجَّهَ الْحَقُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَسَأَلَ تَأْخِيرَهُ أَيَّامًا لِيَنْظُرَ فِي ذَلِكَ أَنْظَرَهُ الْقَاضِي بِمَا يَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ اجْتِهَادِهِ. هَذَا مَذْهَبُ سَحْنُونٍ فِي تَأْخِيرِ الْغَرِيمِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْحَقِّ، وَهُوَ دَلِيلُ مَا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي تَأْخِيرِ ثَمَنِ الشِّقْصِ الْمُسْتَشْفَعِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَيَأْتِي هَذَا.

وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا حُبِسَ الْغَرِيمُ الْمَجْهُولُ الْحَالِ فَادَّعَى الْفَقْرَ فَلَا يُكَلِّفُهُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ بِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، وَإِنَّمَا يَسْأَلُ الْقَاضِي عَنْهُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ بِهِ وَالْمَعْرِفَةِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا حَلَّفَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي " الْبَيَانِ " قَالَ: وَهَذَا فِي مَجْهُولِ الْحَالِ وَأَمَّا إنْ حَبَسَهُ لِلتُّهْمَةِ أَنَّهُ أَخْفَى مَالَهُ لَهُ فَلَا يَكْتَفِي إلَّا بِالْبَيِّنَةِ انْتَهَى، وَأَمَّا مَعْلُومُ الْمَلَاءِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَيِّنَةٌ إلَّا بِذَهَابِ مَا بِيَدِهِ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ.

وَمِنْهَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يُرَاقِبَ أَحْوَالَ الْخُصُومِ عِنْدَ الْإِدْلَاءِ بِالْحُجَجِ وَدَعْوَى الْحُقُوقِ، فَإِنْ تَوَسَّمَ فِي أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَنَّهُ أَبْطَنَ شُبْهَةً أَوْ اتَّهَمَهُ بِدَعْوَى الْبَاطِلِ إلَّا أَنَّ حُجَّتَهُ فِي الظَّاهِرِ مُتَّجِهَةٌ، وَكِتَابَ الْحَقِّ الَّذِي بِيَدِهِ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ دَعْوَاهُ، فَلْيَتَلَطَّفْ الْقَاضِي فِي الْفَحْصِ وَالْبَحْثِ عَنْ حَقِيقَةِ مَا تَوَهَّمَ فِيهِ، فَإِنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ كَثُرَتْ مُخَادَعَتُهُمْ وَاتُّهِمَتْ أَمَانَتُهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَنْكَشِفْ لَهُ مَا يَقْدَحُ فِي دَعْوَاهُ فَحَسَنٌ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ بِالْمَوْعِظَةِ إنْ رَأَى لِذَلِكَ وَجْهًا وَيُخَوِّفَهُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيُذَكِّرَهُ قَوْلَهُ: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] فَإِنْ أَنَابَ وَإِلَّا أَمْضَى الْحُكْمَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنْ تَزَايَدَتْ عِنْدَهُ بِسَبَبِ الْفَحْصِ عَنْ ذَلِكَ شُبْهَةٌ فَلْيَقِفْ وَيُوَالِي الْكَشْفَ وَيُرَدِّدُهُ الْأَيَّامَ وَنَحْوَهَا وَلَا يَعْجَلُ فِي الْحُكْمِ مَعَ قُوَّةِ الشُّبْهَةِ، وَلْيَجْتَهِدْ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ حَقِيقَةُ الْأَمْرِ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى أَوْ تَنْتَفِي عَنْهُ الشُّبْهَةُ مِنْ " تَنْبِيهِ الْحَاكِمِ عَلَى مَآخِذِ الْأَحْكَامِ " لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَصْبَغَ الْأَزْدِيِّ الشَّهِيرِ بِابْنِ الْمُنَاصِفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَمِنْهَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي مَوْعِظَةُ الْخَصْمَيْنِ وَتَعْرِيفُهُمَا بِأَنَّ مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ فَإِنَّهُ خَائِضٌ فِي سَخَطِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ حَلَفَ لِيَقْطَعَ مَالَ

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 53
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست