responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع السلك في طبائع الملك المؤلف : ابن الأزرق    الجزء : 1  صفحة : 130
فِي قُلُوب عدوهم والمعجزة لايقاس عَلَيْهَا الْأُمُور العادية وَلَا يعْتَرض بهَا
الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة
إِن كل دولة لَهَا حِصَّة من الممالك والأوطان لَا تزيد عَلَيْهَا
وَسَببه أَن عصائبها القائمين بهَا لَا بُد من توزيعهم على مَا تصير إِلَيْهِم من الممالك والثغور لحمايتها وإمضاء حكم الدولة فِيهَا وَذَلِكَ يُوجب نفاد عَددهمْ وبلوغ الممالك حِينَئِذٍ إِلَى حد يكون ثغر الدولة ونطاقا لمركزها فَإِن تكلفت بعد ذَلِك زِيَادَة عَلَيْهِ بَقِي دون حامية وَعَاد وبال ذَلِك على الدولة وَمَا لم يبعد عدد الْعِصَابَة بَقِي فبالدولة قُوَّة على تنَاول مَا وَرَاء العادية وَحَتَّى يَتَّسِع نطاقها إِلَى نهايته
شَهَادَة وجود قَالَ وجود قَالَ كَمَا وَقع للْعَرَب صدر الْإِسْلَام لما توفرت عصائبهم غلبوا على الشَّام وَالْعراق ومصر لأسرع وَقت ثمَّ تجاوزوا غلى السَّنَد والحبشة وإفريقية وَالْمغْرب ثمَّ إِلَى الأندلس فَلَمَّا تفَرقُوا على الممالك والثغور وَنقد عَددهمْ قصروا عَن الفتوحات وانْتهى أَمر الْإِسْلَام وَلم يتَجَاوَز تِلْكَ الْحُدُود
فَائِدَة حكمِيَّة قَالَ وَالْعلَّة الطبيعية فِي ذَلِك أَن قُوَّة العصبية من سَائِر القوى الطبيعية وكل قُوَّة يصدر مِنْهَا فعلهَا فنشأنها ذَلِك والدولة فِي مركزها اشد مِمَّا يكون فِي الطّرف والنطاق وَإِذا انْتَهَت إِلَى غَايَته عجزت عَمَّا وَرَاءه
مزِيد اعْتِبَار

قَالَ ثمَّ إِذا أدْركهَا الْهَرم نقصت من أطرافها وَبَقِي المركز مَحْفُوظًا إِلَى أَن يَأْذَن الله بانقراض المر جملَة فَحِينَئِذٍ يكون انقراضه
قَالَ وَإِذا غلب عَلَيْهِ فَلَا ينفع بَقَاء الْأَطْرَاف لِأَنَّهُ كالقلب الَّذِي ينبعث مِنْهُ الرّوح فالدولة الفارسية كَانَ مركزها الْمَدَائِن فَلَمَّا غلب الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ انقرض أَمر فَارس أجمع وَلم ينفع يزدجر مَا بَقِي بِيَدِهِ من ممالك أَطْرَافه
وَبِالْعَكْسِ من ذَلِك الدولة الرومية كَانَ مركزها الْقُسْطَنْطِينِيَّة فَلَمَّا غلب الْمُسلمُونَ على الشَّام تحيزوا إِلَى مركزهم وَلم يضرهم انتزاع الشَّام من أَيْديهم وَبَقِي ملكهم بِهِ إِلَى أَن يَأْذَن الله بانقراضه
قلت وَقد أذن تَعَالَى فِي ذَلِك على يَد ملك بني عُثْمَان من التّرْك فِي أواسط هَذِه الْمِائَة التَّاسِعَة فَللَّه الْحَمد عَلَيْهِ كثيرا
الْمَسْأَلَة السادية عشرَة أَن عظم الدولة فِي اتساع نطاقها وَطول أمدها على نِسْبَة القائمين بهَا فِي الْقلَّة وَالْكَثْرَة
بَيَان الأول أَن الْملك لما كَانَ بالعصبية وَأَهْلهَا هم الحامية النازلون بممالك الدولة وأقطارها كَانَ مَا هُوَ من الدول الْعَامَّة أَكثر فِي أهل العصبية أعداد اوأوسع فِي الممالك أوطانا وأقطارا وَاعْتِبَار مَا يشْهد لذَلِك فِي الْوَاقِع بِحَسب الدول الإسلامية ظَاهر من وُجُوه
أَحدهمَا أَن الْعَرَب لما ألف الله بَين قُلُوبهم على كلمة الْإِسْلَام وَبلغ من أسلم مِنْهُم فِي غَزْوَة تَبُوك آخر غزوات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائَة ألف وَعشرَة الآف من مُضر وقحطان مَا بَين فَارس وراجل إِلَى أَن من أسلم مِنْهُم بعد ذَلِك وتوجهوا لطلب مَا بأيدي المم من الْملك لم يكن دونه

اسم الکتاب : بدائع السلك في طبائع الملك المؤلف : ابن الأزرق    الجزء : 1  صفحة : 130
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست