responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أم القرى المؤلف : الكواكبي، عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 183
نعومة أظفارهم تعلمُوا الْأَدَب مَعَ الْكَبِير، يقبلُونَ يَده أَو ذيله أَو رجله، وألفوا الاحترام فَلَا يدوسون الْكَبِير وَلَو داس رقابهم. وألفوا الثَّبَات ثبات الْأَوْتَاد تَحت المطارق. وألفوا الانقياد وَلَو إِلَى المهالك. وألفوا أَن تكون وظيفتهم فِي الْحَيَاة دون النَّبَات، ذَاك يَتَطَاوَل وهم يتقاصرون، ذَاك يطْلب السَّمَاء وهم يطْلبُونَ الأَرْض كَأَنَّهُمْ للْمَوْت مشتاقون.
وَهَكَذَا طول الألفة على هَذِه الْخِصَال قلب فِي فكرهم الْحَقَائِق، وَجعل عِنْدهم لمخازي مفاخر؛ فصاروا يسمون التصاغر أدباً، والتذلل لطفاً، والتملق فصاحة، واللكنة رزانة، وَترك الْحُقُوق سماحة، وَقبُول الإهانة تواضعاً، والرضاء بالظلم طَاعَة. كَمَا يسمون دَعْوَى الِاسْتِحْقَاق غرُورًا، وَالْخُرُوج عَن الشَّأْن الذاتي فضولاً، وَمد النّظر إِلَى الْغَد أملاً، والإقدام تهوراً، وَالْحمية حَمَاقَة، والشهامة شراسة، وحرية القَوْل وقاحة، وَحب الوطن جنونا.
ثمَّ قَالَ: وليعلم أَن الناشئة الَّذين تعقد الْأمة آمالها بأحلامهم عَسى يصدق مِنْهَا شَيْء، وتتعلق الأوطان بحبال همتهم عساهم يأْتونَ فعلا مَذْكُورا، هم أُولَئِكَ الشَّبَاب وَمن فِي حكمهم المحمديون المهذبون، الَّذين يُقَال فيهم أَن شباب رَأْي الْقَوْم عِنْد شبابهم الَّذين يفتخرون

اسم الکتاب : أم القرى المؤلف : الكواكبي، عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست