اسم الکتاب : النظام القضائي في الفقه الإسلامي المؤلف : محمد رأفت عثمان الجزء : 1 صفحة : 478
آراء الفقهاء في العمل بالقرينة في الحدود: 1
اختلف الفقهاء في هذا على رأيين:
الرأي الأول: يرى المالكية اعتبار القرائن في الحدود[2]، ويوافقهم على هذا الرأي ابن القيم الفقيه الحنبلي المشهور[3] وروى الحنابلة رواية عن أحمد تقول بوجوب الحد بوجود رائحة الخمر من فم شخص، ومع أنهم ذكروا رواية عن أحمد تقول إنه لا يحد بالسكر أو بتقايؤ الخمر، لاحتمال أن يكون مكرها، أو لم يعلم أنها تسكر، إلا أن ابن قدامة قال: "ورواية أبي طالب عنه "أي: عن أحمد" في الحد بالرائحة تدل على وجوب الحد ههنا بطريق الأولى". لأن ذلك لا يكون إلا بعد شربها، فأشبه ما لو قامت البينة عليه بشربها[4].
الرأي الثاني: يرى الحنفية، والشافعية، والحنابلة عدم اعتبار القرائن وسائل إثبات في الحدود[4].
1 إذا كان المتهم بجريمة القذف زوجا ورمى زوجته بالزنا، فمن الممكن درء الحد عنه إذا لاعن زوجته، وإذا لم يكن زوجا فلا بد أن يشهد أربعة شهود على أن جريمة الزنا وقعت، وإلا عوقب بعقوبة القذف. [2] قال المالكية: إن المرأة إذا ظهر بها حمل ولم يعرف لها زوج، أو كانت أمة "أي: جارية" وكان سيدها منكرا لوطئها فإنها تعاقب عقوبة الزنا، ولا يقبل دعواها الغصب على ذلك بلا قرينة تشهد لها بذلك، ولا دعواها أن هذا الحمل سببه وجود مني في الحمام، ولا من اتصال جني بها، إلا لقرينة مثل كونها عذراء، وهي من أهل العفة. وقال مالك في الموطأ: الأمر عندنا في المرأة توجد حاملا ولا زوج لها، فتقول: قد استكرهت، أو تقول: تزوجت، أن ذلك لا يقبل منها وأنها يقام عليها الحد، إلا أن يكون لها على ما ادعت من النكاح بينة، أو على أنها استكرهت. وصرح المالكية بأنه إذا شهد عدلان أنهما شما رائحة الخمر من إنسان يجب إقامة حد الشرب عليه، وكذلك لو شهدا بأنه تقايأها.
موطأ مالك وشرحه تنوير الحوالك للسيوطي، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، للدردير، ج4، ص309، والشرح الصغير، ج4، ص501، 502. [3] الطرق الحكمية، ص6. [4] المغني، ج8، ص309.
5 مغني المحتاج، ج4، ص149، 150، حيث حصر الشافعية وسائل إثبات جريمة الزنا في البينة والإقرار, وص190 حيث صرحوا بأنه لا يحد بريح الخمر, والسكر, والقيء, وإنما يحد بالإقرار أو الشهادة، وانظر المغني، ج8، ص191، ص309، وفتح القدير، ج5، ص213، وص308، ونيل الأوطار، ج6، ص160.
اسم الکتاب : النظام القضائي في الفقه الإسلامي المؤلف : محمد رأفت عثمان الجزء : 1 صفحة : 478