اسم الکتاب : النظام القضائي في الفقه الإسلامي المؤلف : محمد رأفت عثمان الجزء : 1 صفحة : 44
الدائرة القضائية للقضاة أيام الخلفاء الراشدين:
يظهر -كما يرى بعض الباحثين- أن الدائرة القضائية كانت ضيقة للقضاة في أيام الخلفاء الراشدين، فلم يكن من اختصاصهم الحكم إلا في الخصومات المدنية، وأما القصاص والحدود -وهي العقوبات التي حددها الشرع، كعقوبة الزنا والسرقة وشرب الخمر- فلم تكن من اختصاصهم، بل كانت من اختصاص الخلفاء، وولاة الأمصار، وهذا يدل على أهمية قضايا القصاص والحدود, وأنه ليس لأي إنسان أن يحكم فيها, بل لا بد من الاحتياط الشديد فيمن يتولى الفصل في هذه القضايا، يؤيد هذا أن المصادر تنقل لنا قضايا حكم فيها الخلفاء والأمراء بالقتل قصاصا، أو حكموا فيها بجلد السكران، ولم تنقل المصادر أن قاضيا ليس أميرا على إقليم قضى بعقوبة من هذه العقوبات أو قام بتنفيذها.
وكذلك كانت العقوبات التأديبية مثل الحبس لا يأمر بها القاضي, بل يأمر بها الخليفة أو عامله.
وانتهى عصر الخلفاء الراشدين على هذا، فلما كان عصر معاوية بن أبي سفيان، كتب إلى قاضي مصر سليم بن عتر يأمره بالنظر في الجراح، وأن يرفع ذلك إلى صاحب الديوان، فيكون سليم بن عتر هذا أول من نظر في قضايا الجنايات، وحكم فيها[1]. [1] تاريخ القضاء في الإسلام، لمحمود بن محمد بن عرنوس، ص25، 26.
عمر أول من أنشأ بيت مال المسلمين:
وكذلك من الثابت تاريخيا أن عمر -رضي الله عنه- كان أول من أنشأ بيت مال المسلمين فهو أول من دون الدواوين في الإسلام، وهو كذلك أول من رتب أرزاق القضاة، فجعل للقاضي سليمان بن ربيعة الباهلي خمسمائة درهم في كل شهر، ورتب لشريح مائة في كل شهر أيضًا1.
وكما كان القضاء في أيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موقوفًا عليه لا يولي أحد فيما يحضره من قضايا، فلا يتقدم أحد بين يديه، وإنما يرسل القضاة في النواحي، فقد كان الحال كذلك في أيام الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم، فظلوا على سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم، في توليهم جميع ما حضرهم من الأحكام الشرعية، من صلاة، وبعث وترتيب الجيوش، وغير ذلك2.
اسم الکتاب : النظام القضائي في الفقه الإسلامي المؤلف : محمد رأفت عثمان الجزء : 1 صفحة : 44