اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 660
يقول الخرشي مبينًا ذلك: "ولا ينقر الإسلام إلا بالنطق بالشهادتين، والتزام أحكامهما، واحترز به عما لو نطق بالشهادتين، ثم رجع قبل أن يقف على الدعائم -فلا يكون مرتدًا ويؤب فقط"[1].
وإلى هذا مال الشيخ أبو زهرة، وذكر مثالًا لذلك ما يجري الآن في مصر، وغيرها من الأقطار من أن يشهد الرجل، أو المرأة على إسلامه لغرض من أغراض الدنيا لا يستطيع قضاءه، وهو على ما كان عليه أولًا كأن يطلق امرأته، أو تطلق هي من زوجها لتتزوج من آخر، فإذا ما نال كل غرضه عاد إلى ما كان عليه قبل أن يعلن إسلامه، وفي حقيقة أمره لم يفارق ما كنا عليه أولًا.
ثم يقول الشيخ أبو زهرة: ولا نقول في هذه الحالة أنه يعفى من عقاب الردة إذا تقرر لها عقاب، أو أي عقاب آخر، بل نقول: إنه إذا أعفي من عقوبة الردة لا يسلم من عقوبة أخرى، ربما تكون أشد وأنكى، وهي عقوبة التزوير في ورقة رسمية، ينص على ذلك في قانون العقوبات.
ثم يعقب على ذلك بقوله: إننا بهذا ننسق الأحكام تنسيقًا سليمًا، فلا يدخل في الإسلام إلا من ذاق بشاشته، وعلم أحكامه ولا تتخذ الأديان هزوًا ولعبًا ... [2].
وما ذكره فضيلة الشيخ أبو زهيرة يحتاج إلى وقفة، إذ هو قد رأى أن من فعل ذلك لا يسلم من عقوبة، فإن لم تكن عقوبة الردة عوقب بأشد، وأنكى منها وهي عقوبة التزوير، والأمر هنا معكوس؛ لأن عقوبة التزوير عقوبة تعزيرية هينة، إذا قيست بعقوبة الردة التي حددها الشارع للمرتدين.
وما ذهب إليه فقهاء المالكية من القول بأن عدم التزام من أسلم [1] الخرشي ج8 ص62، حاشية الدسوقي ج4 ص301. [2] العقوبة للشيخ أبي زهرة ص201-203.
اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 660