اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 652
استيفاؤه لتعذر المطالبة، فأشبه ما لو غاب من له الحد، وفارق الشهادة، فإن العدالة شرط للحكم بها، فيعتبر وجودها إلى حين الحكم بها، بخلاف مسألتنا، فإن العفة شرط للوجوب، فلا تعتبر إلا إلى حين الوجوب"[1].
وما رآه الإمام أحمد، ومن وافقه هو ما أرجحه؛ لأن من وجب الحد بقذفه قد تتغير ظروفه وأحواله، وليس معنى هذا إهدار ما ثبت له من حق بقذف الجاني له؛ لأن القول بإسقاط الحد بعد وجوبه قد ينتج فتح باب التحايل، ومحاولة الإيقاع بمن وجب الحد بقذفه، بغية الخلاص من الحد، ولا يخفى أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، ومصلحة القاذف، ونجاته من الحد في الفساد المقذوف، ونفي إحصانه، وقد يكون الجاني ذا جاه، أو سلطان، فإن رأى نجاته في إفساد مقذوفه، فلن يتورع عن الإيقاع به، وعليه فإن هذا الرأي يدرأ فتح التحايل والإفساد، ويبطل ما قد ينصب من شراك لصيد الآمنين، وما ذهب إليه ابن حزم بحاجة إلى إعادة نظر؛ لأن من لزمه حد الزنا، فإن عفته قد انثلمت بذلك وبطل إحصانه، وليس لكل واقعة إحصان مستقل؛ لأن الإحصان والعفة أمر معنوي إذا انكسرا، فإن إعادة إصلاحهما أمر مشكوك فيه، وبخاصة بالنسبة لما نحن بصدده، وليس معنى هذا إباحة قذفه، وإنما يلزم القاذف التعزير، ويدرأ عنه الحد لشبهة ترجيح احتمال وقوع الفعل منه؛ لأن ما وقع سابقًا أو لاحقًا قبل وجوب الحد يقوي احتمال صدق مقولة القاذف، وينتج شبهة تدرأ حد القذف عمن لم يستطع إثبات مقولته. [1] المغني ج8 ص227.
اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 652