اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 629
وذهب فقهاء المالكية إلى وجوب حد الشرب على المشهود عليه، إذا شهد عليه عدل واحد بشربها، وشهد أخر بأنه رآه يتقاياها، وكذا يلزمه حد الشرب إذا شهدا بأنهما شما من فمه رائحة الخمر، وأكثر من ذلك ذهب فقهاء المالكية إلى القول: بوجوب الحد إذا شهد عليه عدلان بأن رائحة فمه مسكر، وشهد عدلان آخران أنه ليس برائحة مسكر، وذلك مبني عندهم على أساس أن الشهادة المثبتة تقدم على النافية[1].
وما ذهب إليه المالكية مردود؛ لأن شهادة العدلين بأن فمه رائحته خمرًا، لا تصلح دليلًا أساسا لجواز أنه تمضمض بها، ثم مجها أو أنه شربها مكرها، أو غير عالم بأنها خمر، وهذه كلها شبهات، كما أن شهادة الأولى، فلا أقل من أن تورث شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات. [1] الخرشي ج8 ص109، حاشية الدسوقي ج4 ص353.
ثالثًا: إثبات جريمة الشرب بالقرائن
ذهب الإمام مالك -رضي الله تعالى عنه- إلى أن وجود رائحة الخمر من فم شخص، تعتبر دليلًا على شربه لها، وعلى هذا لو شهد بوجود الرائحة شاهدان لزم المشهود عليه حد الشرب الخمر، يقول الخرشي:
"وكذا يحد لو يشهد عليه عدلان بأن رائحة فمه رائحة مسكر"[1].
ويظهر لي أن إلزام المشهود عليه الحد، مشروط بعدم ذكره سببًا من الأسباب المبيحة له شرب الخمر، أو أنه مجها من فمه قبل أن تصل إلى حلقه؛ لأن الخرشي قد ذكر بعد قوله السابق: "ويجوز شرب الخمر عند الإكراه على شربه، وكذا يجوز شربها لمن غص بالطعام، وخاف على نفسه الهلاك، وتقدم أن ابن عرفه يقول بعدم الجواز، لكن المعول عليه الإباحة، وعلى كل لا حد"[1]. [1] الخرشي ج8 ص109، حاشية الدسوقي ج4 ص353.
اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 629