اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 605
أما إذا وقعت الحرابة من مستأمن، أو معاهد أو عليهما، فإن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية، والحنابلة والظاهرية، وأبو يوسف من فقهاء الأحناف، يرون عدم التفريق بين أحد من هؤلاء، وبين المسلمين أو الذميين، وعليه فإن عقوبة الحرابة يلزم بها كل من قام بهذه الجريمة، ممن يقيمون بالبلاد الإسلامية، إقامة دائمة، أو مؤقتة ما دامت الجريمة قد وقعت في حدود سلطان الدولة الإسلامية، سواء وقعت هذه الجريمة من مسلم، أو زمي أو معاهد، أو مستأمن أو على أي منهما، أيا كان القائم بها مسلمًا كان، أو ذميًا أو معاهد، أو مستأمنا[1]، وذهب الشافعي إلى أن المعاهد إذا فعل ما فيه إضرار بالمسلمين، كأن يفتن مسلمًا عن دينه، أو يقطع عليه الطريق، فإن لم يشترط الكف عن ذلك في العقد لم ينتقض عهده لبقاء ما يتقضى العقد من التزام أحكام المسلمين، ولزمته عقوبة أفعاله؛ لأن عقوبة هذه الأفعال تستوفي عليه من غير شرط.
وجاء عن فقهاء الشافعية رأي آخر، يقتضي أن عقد المعاهد ينتهي بإتيان المعاهد فعلًا من هذه الأفعال، واستدل لذلك بما روي من أن نصرانيا استكره امرأة مسلمة على الزنا، فرفع إلى أبي عبيدة بن الجراح، فقال: ما على هذا صالحناكم، وضرب عنقه[2]، هذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، إذا وقعت الحرابة من مسلم، أو ذمي أو معاهد، أو مستأمن أو على أي منهم أخذ بعموم الأدلة؛ ولأن المسلم إذا كان ملتزمًا بأحكام الإسلام بمقتضى إسلامه، فإن الذمي ملتزم أيضًا بأحكام الإسلام بمقتضي عقد الذمة، الذي يضمن له الأمان الدائم، والمعاهد والمستأمن [1] جرجع في ذلك الخرشي ج8 ص104، حاشية الدسوقي ج4 ص348، مواهب الجليل ج3 ص165، 355 مغني المحتاج ج4 ص180، المهذب ج2 ص256، المغني مع الشرح الكبير ج9 ص383 المحلى ج13 ص332، نيل الأوطار ج7 ص171. [2] المهذب ج2 ص257.
اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 605