اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 352
وعلى المفتري ثمانون جلده: فأمر عمر -رضي الله تعالى عنه، فجلد ثمانين جلده[1].
وفي رواية أخرى قال عمر -رضي الله تعالى عنه- لمن احتج بالآية، وفسرها على غير وجهها، وأخطأ التفسير -أخطأت التأويل، إذا اتقيت الله، اجتنبت ما حرم الله، وأمر به فجلد[2].
مما سبق يتضح حكم من جهل ذات النص المحرم، أو معناه الحقيقي، وهذا النوع من الجهل الذي لا يعتد به، ولا يعد شبهة دارئة للعقوبة الحدية هو أحد شطري الجهل بالقانون.
وهناك نوع آخر من الجهل يسمى الجهل بالوقائع، وهو شطران:
أحدهما: جهل بالوقائع غير الجوهرية، وقد يطلق عليه لفظ الغلط، وهو من الجهل الذي لا يعتد به أيضًا في دفع العقوبة، أو إسقاط الحد؛ لأنه لا يترتب عليه انتفاء القصد الجنائي، فمن ذهب لسرقة مال شخص معين يقيم في مكان ما، فيسرق مالًا فيتضح أنه جهل مكان الشخص الذي يريد سرقته، ودخل مكانا آخر، وسرق مال شخص آخر لا حق للسارق في ماله، فإن هذا الجهل جهل غير جوهري لا ينفي القصد الجنائي لدى الجاني، وبالتالي لا أثر له في إسقاط العقوبة الحدية.
ومثله من ذهب لقتل غريم له، ودخل مكان نومه، وأجهز على من وجده نائمًا في الفراش على أساس أنه هو الشخص الذي يريد قتله، فاتضح أن المقتول غير الشخص الذي أراد الجاني قتله، فإن جهل الجاني هنا بشخص المقتول لا يعد شبهة، ولا يترتب عليه إسقاط العقوبة المقررة لجنايته، إذ الجهل هنا لا يترتب عليه انتفاء القصد الجنائي، [1] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج3 ص2294. [2] المرجع السابق: ص2295.
اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 352