اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 234
ولهذا، فإن أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه، لما جاءه ماعز قبل أن يذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وقص عليه ما كان من أمره، قال له أبو بكر: هل ذكرت هذا لأحد غيري؟ قال: لا. قال أبو بكر: تب إلى الله واستتر بستر الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده.
ولم تقر نفس ماعز، فذهب إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه، وقال له ما قاله لأبي بكر، فقال له عمر: اذهب فاستتر بستر الله تعالى، تب إلى الله، فإن الناس يعبرون ولا يغيرون، والله تعالى يغير، ولا يتغير فتب إلى الله، ولا تخبر أحدًا.
ولم تقر نفس ماعز حتى أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وقال له ما قاله لأبي بكر وعمر، فأعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وأخذ ماعز يكرر مقالته، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكرر إعراضه عنه، حتى أكثر ماعز على رسول الله -صلى الله عليه وسلم، والرسول يحاول تلقينه الستر على نفسه، وليحمله على الرجوزع عن إقراره تلميحًا وتصريحًا، فيقول له -صلى الله عليه وسلم: "لعلك قبلت، لعلك لامست، لعلك فاخذت، لعلك. لعلك، فلما لم يجد منه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا الإصرار أرسل إلى أهله يسألهم عنه، أيشتكي؟ أبه جنة"؟ [1].
كل ذلك في محاولة من الرسول -صلى الله عليه وسلم- للستر على عبد من عباد الله، ثم يضع الرسول -صلى الله عليه وسلم- مبدأ يعلنه أكل من يتبع الإسلام، ادرؤوا عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان [1] الموطأ للإمام مالك ص244-245 ط الثانية المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، المغني لابن قدامة ج8 ص193-199، شرح فتح القدير ج5 ص216.
اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 234