بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه
الْغَرَض من الرسَالَة
قصدنا فِي هَذَا القَوْل ذكر قوانين سياسة يعم نَفعهَا جَمِيع من استعملها من طَبَقَات النَّاس فِي متصرفاته مَعَ كل طَائِفَة من أهل طبقته وَمن فَوْقه وَمن دونه على سَبِيل الإيجاز والاختصار على أَنه لَا يَخْلُو قَوْلنَا هَذَا من ذكر مَا تخْتَص بِاسْتِعْمَالِهِ طَائِفَة دون طَائِفَة وَوَاحِد دون وَاحِد مِنْهُم فِي وَقت دون وَقت وَمَعَ قوم دون قوم إِذْ الْوَاحِد من النَّاس لَا يُمكنهُ أَن يسْتَعْمل فِي كل وَقت مَعَ كل أحد كل ضرب من ضروب السياسات ونقدم لذَلِك مُقَدمَات مِنْهَا أَن نقُول مكانة الْإِنْسَان بَين غَيره من النَّاس
إِن كل وَاحِد من النَّاس مَتى مَا رَجَعَ إِلَى نَفسه وَتَأمل أحوالها وأحوال غَيره من أَبنَاء النَّاس وجد نَفسه فِي رُتْبَة يشركهُ فِيهَا طَائِفَة مِنْهُم وَوجد فَوق رتبته طَائِفَة مِنْهُم أَعلَى منزلَة مِنْهُ بِجِهَة أَو بجهات وَوجد دونهَا طَائِفَة هم أوضع مِنْهُ بِجِهَة أَو جِهَات لِأَن الْملك الْأَعْظَم وَأَن وجد نَفسه فِي مَحل لَا يرى لأحد من النَّاس فِي زَمَانه منزلَة أَعلَى من مَنْزِلَته فَإِنَّهُ مَتى تَأمل حَالَة نعما وجد فيهم من يفضل عَلَيْهِ بِنَوْع من الْفَضِيلَة إِذْ لَيْسَ فِي أَجزَاء