وَمن النَّفْع مَا يَسْتَعْمِلهُ الْمَرْء فِي معاشه مَا نذكرهُ
وَهُوَ أَنه يجب أَن يستجلب الذَّات والشهوات كلهَا إِلَى نَفسه بجاهه لَا بِمَالِه بِكُل مَا أمكنه فَإِن من استجلب اللَّذَّات بِمَالِه دون جاهه لَا يصل إِلَى لذته كَمَا يشتهيه وَلَا ينشب أَن يذهب مَاله وَيصير سخرية بَين النَّاس وَيصير كل من انْتفع بِهِ عدوا لَهُ
وَمن استجلب بجاهه قَضَاء حوائج النَّاس وصل إِلَيْهَا كَمَا يشتهيه وَفَوق مَا يشتهيه
وكل من جلب إِلَيْهِ لَذَّة لطعمه فِي جاهه كَانَ صديقا لَهُ أبدا محبا لخيراته ومواليا
ولسنا نومئ إِلَى أَنه لَا يَنْبَغِي أَن ينْفق من مَاله شَيْئا فِي اجتلاب لذاته وَلَكِن إِلَى أَن يكون معوله فِي ذَلِك على الجاه لَا على المَال
تحصين الْأَسْرَار
ونقول الْآن فِي تحصين الْأَسْرَار وَفِي استخراجها عَن المناوئين وَإِذا عرف الْمَرْء أحد هذَيْن الْبَابَيْنِ حصلت لَهُ الْمعرفَة بِالثَّانِي وَلكُل طَائِفَة من أهل الطَّبَقَات الثَّلَاث نوع من التحصين وَنَوع من الاستخراج وَمَا نذكرهُ من الْأُصُول فِيهَا يصلح لكل طَائِفَة مِنْهُم على مِقْدَاره ومرتبته
أصاله لرأي
فَأول مَنَافِع تحصين الْأَسْرَار وكتمانها هُوَ أَن يكون الْمَرْء قَادِرًا على