فصل 5 فِي سياسة الْمَرْء لنَفسِهِ
ثمَّ يَنْبَغِي للمرء أَن يرجع إِلَى خَاص أَحْوَاله فيميزها وَيسْتَعْمل فِي كل حَال من أَحْوَاله مَا يعود بصلاحها
المَال
فَمن ذَلِك خلل الْقنية وَالْمَال فَالْوَاجِب عَلَيْهِ فِي ذَلِك أَن يتَأَمَّل وُجُوه الدخل ووجوه الخرج ويستقصى النّظر فِي أَسبَاب الدخل وَالْوُجُوه الَّتِي يُمكنهُ استجلاب المَال مِنْهَا إِلَى ملكه فيبالغ فِي استجلابه من حَيْثُ لَا يضر بِشَيْء مِمَّا تقدم ذكرنَا لَهُ من الْأُصُول اعني بِهِ لَا يخل بِدِينِهِ ومروءته وَلَا بعرضه فَإِنَّهُ لَيْسَ كل وَجه تكون فِيهِ مَنْفَعَة يحسن بِكُل أحد أَن يتَعَرَّض لَهُ مِثَال ذَلِك الدباغة والكناسة والتجارات الخسيسة والقمار وَالْوُجُوه الَّتِي لَا يحسن بِذِي الْمُرُوءَة أَن يجتلب المَال مِنْهَا فَإِذا تجنب هَذِه الْوُجُوه واكتسب المَال من وَجهه فَيجب أَن يُخرجهُ بِحَسبِهِ أَعنِي أَن يكون خرجه بِحَسب دخله ويجتهد أَن يعرف بالسخاء وَلَيْسَ السخاء بذل الْأَمْوَال حَيْثُ اتّفق لَكِن بذلها فِيمَا يَنْبَغِي وَحَيْثُ يَنْبَغِي وبالمقدار الَّذِي يَنْبَغِي على سَبِيل الِاعْتِدَال اللَّائِق بِحَال طبقَة من النَّاس الجاه