responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 79
[حد السارق]
فصل وَأَمَّا السَّارِقُ فَيَجِبُ قَطْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى بِالْكِتَابِ والسنة والإجماع، قال الله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ - فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 38 - 39] (سورة المائدة: الآيتان 38، 39) . ولا يجوز بعد ثبوت الحد بالبينة عليه، أو بالإقرار تأخيره: لا بحبس وَلَا مَالٌ يُفْتَدَى بِهِ وَلَا غَيْرُهُ، بَلْ تُقْطَعُ يَدُهُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُعَظَّمَةِ وَغَيْرِهَا؛ فَإِنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ مِنْ الْعِبَادَاتِ، كَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ إقَامَةَ الْحُدُودِ رَحْمَةٌ مِنْ اللَّهِ بِعِبَادِهِ: فَيَكُونُ الْوَالِي شَدِيدًا فِي إقَامَةِ الْحَدِّ، لَا تَأْخُذُهُ رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ فَيُعَطِّلُهُ. وَيَكُونُ قَصْدُهُ رَحْمَةَ الْخَلْقِ بكف الناس عن المنكرات؛ لا شفاء غيظه، وإرادة العلو على الخلق: بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ إذَا أَدَّبَ وَلَدَهُ؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَفَّ عَنْ تَأْدِيبِ وَلَدِهِ -كَمَا تُشِيرُ بِهِ الْأُمُّ رِقَّةً وَرَأْفَةً- لَفَسَدَ الْوَلَدُ، وَإِنَّمَا يُؤَدِّبُهُ رحمة به، وإصلاحا لحاله؛ مع أن يَوَدُّ وَيُؤْثِرُ أَنْ لَا يُحْوِجَهُ إلَى تَأْدِيبٍ، وَبِمَنْزِلَةِ الطَّبِيبِ الَّذِي يَسْقِي الْمَرِيضَ الدَّوَاءَ الْكَرِيهَ، وَبِمَنْزِلَةِ قَطْعِ الْعُضْوِ الْمُتَآكِلِ، وَالْحَجْمِ، وَقَطْعِ الْعُرُوقِ بالفساد، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ بَلْ بِمَنْزِلَةِ شُرْبِ الْإِنْسَانِ الدَّوَاءَ الْكَرِيهَ، وَمَا يُدْخِلُهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ لِيَنَالَ بِهِ الرَّاحَةَ. فَهَكَذَا شُرِعَتْ الْحُدُودُ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ الْوَالِي فِي إقَامَتِهَا، فإنه مَتَى كَانَ قَصْدُهُ صَلَاحَ الرَّعِيَّةِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرَاتِ، بِجَلْبِ الْمَنْفَعَةِ لَهُمْ، وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنْهُمْ، وَابْتَغَى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَطَاعَةَ أَمْرِهِ: أَلَانَ اللَّهُ لَهُ الْقُلُوبَ، وَتَيَسَّرَتْ لَهُ أَسْبَابُ الْخَيْرِ، وَكَفَاهُ الْعُقُوبَةَ الْبَشَرِيَّةَ، وَقَدْ

اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست