responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 58
الْكَاهِنِ: مِثْلُ حَلَاوَةِ الْمُنَجِّمِ وَنَحْوِهِ عَلَى مَا يُخْبِرُ بِهِ مِنْ الْأَخْبَارِ الْمُبَشِّرَةِ بِزَعْمِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَوَلِيُّ الْأَمْرِ إذَا تَرَكَ إنْكَارَ الْمُنْكَرَاتِ وإقامة الحدود عليهما بِمَالٍ يَأْخُذُهُ: كَانَ بِمَنْزِلَةِ مُقَدَّمِ الْحَرَامِيَّةِ، الَّذِي يُقَاسِمُ الْمُحَارِبِينَ عَلَى الْأَخِيذَةِ، وَبِمَنْزِلَةِ الْقَوَّادِ الَّذِي يَأْخُذُ مَا يَأْخُذُهُ؛ لِيَجْمَعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى فَاحِشَةٍ، وَكَانَ حَالُهُ شَبِيهًا بِحَالِ عَجُوزِ السُّوءِ امْرَأَةِ لُوطٍ، الَّتِي كَانَتْ تَدُلُّ الْفُجَّارَ عَلَى ضَيْفِهِ، الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [الأعراف: 83] (سورة الأعراف: الآية 83) . وَقَالَ تَعَالَى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} [هود: 81] (سورة هود: من الآية 18) . فَعَذَّبَ اللَّهُ عَجُوزَ السُّوءِ الْقَوَّادَةَ بِمِثْلِ مَا عَذَّبَ قَوْمَ السُّوءِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ الْخَبَائِثَ، وَهَذَا لِأَنَّ هَذَا جَمِيعَهُ أَخْذُ مَالٍ لِلْإِعَانَةِ على الإثم والعدوان، وولي الأمر إنما نُصِبَ لِيَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ، وَهَذَا هُوَ مَقْصُودُ الْوِلَايَةِ. فَإِذَا كَانَ الْوَالِي يُمَكِّنُ مِنْ الْمُنْكَرِ بِمَالٍ يَأْخُذُهُ، كَانَ قَدْ أَتَى بضد المقصود، مثل مَنْ نَصَّبْتَهُ لِيُعِينَكَ عَلَى عَدُوِّكَ، فَأَعَانَ عَدُوَّكَ عَلَيْكَ. وَبِمَنْزِلَةِ مَنْ أَخَذَ مَالًا لِيُجَاهِدَ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَاتَلَ بِهِ الْمُسْلِمِينَ. يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ صَلَاحَ الْعِبَادِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ؛ فَإِنَّ صَلَاحَ الْمَعَاشِ وَالْعِبَادِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَبِهِ صَارَتْ هَذِهِ الْأَمَةُ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110] (سورة أل عمران: من الآية 110) . وَقَالَ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104] (سورة آل عمران: من الآية 104) .

اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست