responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 49
فَيَجْمَعُونَ بَيْنَ التَّقْوَى والإِحسان {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128] (سورة النحل: الآية 128) . وَلَا تَتِمُّ السِّيَاسَةُ الدِّينِيَّةُ إلَّا بِهَذَا، وَلَا يَصْلُحُ الدِّينُ وَالدُّنْيَا إلَّا بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ. وَهَذَا هو الذي يطعم الناس ما يحتاجون إلى طَعَامِهِ، وَلَا يَأْكُلُ هُوَ إلَّا الْحَلَالَ الطَّيِّبَ، ثم هذا يكفيه من الإنفاق أقل مما يحتاج إليه الأول، فَإِنَّ الَّذِي يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ، تَطْمَعُ فِيهِ النُّفُوسُ، ما لا تطمع في العفيف، ويصلح به الناس في ديتهم مَا لَا يَصْلُحُونَ بِالثَّانِي؛ فَإِنَّ الْعِفَّةَ مَعَ الْقُدْرَةِ تُقَوِّي حُرْمَةَ الدِّينِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ: «أَنَّ هِرَقْلَ مِلْكَ الروم سأله عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قَالَ: يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ» . وَفِي الْأَثَرِ: " أَنَّ اللَّه أَوْحَى إلَى إبْرَاهِيمَ الخليل عليه السلام: يَا إبْرَاهِيمُ: أَتَدْرِي لِمَ اتَّخَذْتُكَ خَلِيلًا؟ لِأَنِّي رأيت العطاء أحب إليك من الأخذة. وهذا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الرِّزْقِ، وَالْعَطَاءِ، الَّذِي هُوَ السَّخَاءُ، وَبَذْلُ الْمَنَافِعِ، نَظِيرُهُ فِي الصَّبْرِ وَالْغَضَبِ، الذي هو الشجاعة ودفع المضار. فإن النَّاسَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَغْضَبُونَ لِنُفُوسِهِمْ وَلِرَبِّهِمْ. وَقِسْمٌ لَا يِغضبون لِنُفُوسِهِمْ وَلَا لِرَبِّهِمْ. وَالثَّالِثُ -هو الوسط- الذي يغضب لربه لَا لِنَفْسِهِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ: خَادِمًا لَهُ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا دَابَّةً، وَلَا شَيْئًا قَطُّ، إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَانْتَقَمَ لِنَفْسِهِ قَطُّ، إلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرُمَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا اُنْتُهِكَتْ حُرُمَاتُ اللَّهِ لَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى ينتقم لله» .

اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 49
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست