responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 35
مَاتَ مَرَّةً رَجُلٌ مِنْ قَبِيلَةٍ فَدُفِعَ مِيرَاثَهُ إلَى أَكْبَرِ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ، أَيْ أَقْرَبِهِمْ نَسَبًا إلَى جَدِّهِمْ، وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، كَأَحْمَدَ فِي قَوْلٍ مَنْصُوصٍ وَغَيْرِهِ، وَمَاتَ رَجُلٌ لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا عَتِيقًا لَهُ، فَدُفِعَ مِيرَاثُهُ إلَى عَتِيقِهِ، وَقَالَ بِذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، وَدُفِعَ مِيرَاثُ رَجُلٍ إلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ. وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ يَتَوَسَّعُونَ فِي دَفْعِ مِيرَاثِ الْمَيِّتِ، إلَى مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ نَسَبٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ. وَلَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا الصَّدَقَاتِ، وَكَانَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُجَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ؛ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ. وَلَمْ يَكُنْ لِلْأَمْوَالِ الْمَقْبُوضَةِ وَالْمَقْسُومَةِ، دِيوَانٌ جَامِعٌ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ في وَأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بَلْ كَانَ يَقْسِمُ الْمَالَ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَثُرَ الْمَالُ، وَاتَّسَعَتْ الْبِلَادُ، وَكَثُرَ النَّاسُ، فَجَعَلَ ديوان العطاء للمقاتلة وغيرهم؛ وديوان الجير -فِي هَذَا الزَّمَانِ- مُشْتَمِلٌ عَلَى أَكْثَرِهِ؛ وَذَلِكَ الدِّيوَانُ هُوَ أَهَمُّ دَوَاوِينِ الْمُسْلِمِينَ. وَكَانَ لِلْأَمْصَارِ دَوَاوِينُ الْخَرَاجِ وَالْفَيْءِ وَمَا يُقْبَضُ مِنْ الْأَمْوَالِ؛ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاؤُهُ يُحَاسِبُونَ الْعُمَّالَ عَلَى الصَّدَقَاتِ، وَالْفَيْءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَصَارَتْ الْأَمْوَالُ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَمَا قَبْلَهُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ: نَوْعٌ يَسْتَحِقُّ الإِمام قَبْضَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ. وَنَوْعٌ يَحْرُمُ أَخْذُهُ بالإجماع، كالجبايات الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لأجل قتيل قتل بينهم، لان كان له وارث، أو على حد ارتكبه، وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْعُقُوبَةُ بِذَلِكَ، وَكَالْمُكُوسِ الَّتِي لَا يَسُوغُ وَضْعُهَا اتِّفَاقًا. وَنَوْعٌ فِيهِ اجْتِهَادٌ وَتَنَازُعٌ كَمَالِ مَنْ لَهُ

اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست