responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 119
[القصاص في الجراح]
فصل وَالْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحِ أَيْضًا ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسَّنَةِ والإجماع بشرط الْمُسَاوَاةِ؛ فَإِذَا قَطَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى مِنْ مَفْصِلٍ، فَلَهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ كَذَلِكَ. وَإِذَا قَلَعَ سِنَّهُ، فَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ سِنَّهُ. وَإِذَا شَجَّهُ فِي رَأْسِهِ أَوْ وَجْهِهِ، فَأَوْضَحَ الْعَظْمَ، فَلَهُ أَنْ يَشُجَّهُ كَذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ تُمْكِنْ الْمُسَاوَاةُ: مِثْلَ أَنْ يَكْسِرَ لَهُ عَظْمًا بَاطِنًا، أَوْ يَشُجَّهُ دُونَ الْمُوضِحَةِ، فَلَا يُشْرَعُ الْقِصَاصُ؛ بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ الْمَحْدُودَةُ، أَوْ الْأَرْشُ. وَأَمَّا الْقِصَاصُ فِي الضَّرْبِ بِيَدِهِ أَوْ بِعَصَاهُ أَوْ سَوْطِهِ، مِثْلَ أَنْ يَلْطِمَهُ، أَوْ يَلْكُمَهُ، أَوْ يَضْرِبَهُ بِعَصًا، وَنَحْوَ ذَلِكَ: فَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: إنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ، بَلْ فِيهِ التعزير، لِأَنَّهُ لَا تُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ فِيهِ. وَالْمَأْثُورُ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: أَنَّ الْقِصَاصَ مَشْرُوعٌ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ نَصُّ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَبِذَلِكَ جَاءَتْ سَنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّوَابُ، قال أَبُو فِرَاسٍ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ الله عنه- فذكر حديثاً قال فيه: " لا إنِّي وَاَللَّهِ مَا أُرْسِلَ عُمَّالِي إلَيْكُمْ لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ، وَلَا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالكُمْ، وَلَكِنْ أُرْسِلَهُمْ إلَيْكُمْ ليعلموكم دينكم وسنة نبيكم. فَمَنْ فُعِلَ بِهِ سِوَى ذَلِكَ: فَلْيَرْفَعْهُ إلَيَّ. فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إذًا لَأَقُصَّنَّهُ مِنْهُ، فَوَثَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: إن كان رجل من المسلمين أمر على رعية فأدب رعيته، أئنك لتقصه منه؟ قال: إي وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إذًا لَأَقُصَّنَّهُ مِنْهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّ مِنْ نَفْسِهِ. أَلَا لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلَا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.

اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 119
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست