responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 103
الْمَكْتُوبَاتِ، وَيُؤَدُّوا الزَّكَاةَ، وَيَصُومُوا شَهْرَ رَمَضَانَ، وَيَحُجُّوا الْبَيْتَ، وَيَلْتَزِمُوا تَرْكَ الْمُحَرَّمَاتِ: مِنْ نِكَاحِ الْأَخَوَاتِ، وَأَكْلِ الْخَبَائِثِ، وَالِاعْتِدَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقِتَالُ هَؤُلَاءِ وَاجِبٌ ابْتِدَاءً بَعْدَ بُلُوغِ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إليهم بما يقاتلون عليه. فأما إذا بدأوا الْمُسْلِمِينَ فَيَتَأَكَّدُ قِتَالُهُمْ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي قِتَالِ الْمُمْتَنِعِينَ مِنْ الْمُعْتَدِينَ قُطَّاعِ الطُّرُقِ. وَأَبْلَغُ الْجِهَادِ الْوَاجِبُ لِلْكُفَّارِ، وَالْمُمْتَنِعِينَ عَنْ بَعْضِ الشَّرَائِعِ، كَمَانِعِي الزَّكَاةِ وَالْخَوَارِجِ وَنَحْوِهِمْ: يَجِبُ ابْتِدَاءً وَدَفْعًا. فَإِذَا كَانَ ابْتِدَاءً، فَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْبَاقِينَ وَكَانَ الْفَضْلُ لِمَنْ قَامَ بِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] الآية (سورة النساء: الْآيَةَ 95) . فَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْعَدُوُّ الْهُجُومَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ دَفْعُهُ وَاجِبًا عَلَى الْمَقْصُودِينَ كُلِّهِمْ، وَعَلَى غَيْرِ الْمَقْصُودِينَ، لِإِعَانَتِهِمْ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [الأنفال: 72] (سورة الأنفال: من الآية 72) . وَكَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنصر المسلم، وسواء كان الرَّجُلُ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ لِلْقِتَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَهَذَا يَجِبُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، مَعَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، وَالْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ، كَمَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَمَّا قَصَدَهُمْ الْعَدُوُّ عَامَ الخندق لم يأذن الله في ترى لأحد، كَمَا أَذِنَ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ ابْتِدَاءً لِطَلَبِ الْعَدُوِّ، الَّذِي قَسَّمَهُمْ فِيهِ إلَى قَاعِدٍ وَخَارِجٍ. بَلْ ذَمَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: 13] (سورة الأحزاب من الآية 13) . فَهَذَا دَفْعٌ عَنْ الدِّينِ وَالْحُرْمَةِ وَالْأَنْفُسِ، وَهُوَ قِتَالُ اضْطِرَارٍ، وَذَلِكَ قِتَالُ اخْتِيَارٍ، لِلزِّيَادَةِ فِي الدِّينِ وَإِعْلَائِهِ، وَلِإِرْهَابِ الْعَدُوِّ، كَغُزَاةِ تَبُوكَ وَنَحْوِهَا.

اسم الکتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست