responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخلافة المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 24
أما الْعَدَالَة الَّتِي هِيَ الشَّرْط الأول فَهِيَ عِنْد الْفُقَهَاء عبارَة عَن التحلي بالفرائض والفضائل، والتخلي عَن الْمعاصِي والرذائل، وَعَما يخل بالمروءة أَيْضا، وَاشْترط بَعضهم فِيهَا أَن تكون ملكة لَا تكلفاً، وَلَكِن التَّكَلُّف إِذا الْتزم صَار خلقا. .
وَأما الْعلم فيعنون بِهِ علم الدّين ومصالح الْأمة وسياستها وَإِذا أَطْلقُوهُ كَانَ المُرَاد بِهِ الْعلم الاستقلالي الْمعبر عَنهُ بِالِاجْتِهَادِ، وَيفهم من كَلَام بَعضهم أَن الِاجْتِهَاد فِي الشَّرْع شَرط فِي مجموعهم لَا فِي كل فَرد مِنْهُم، فقد قَالَ فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا أَنه يشْتَرط أَن يكون فيهم مُجْتَهد. . وتقييده شَرط الْعلم بِمَا قَيده بِهِ يدل على أَنه يخْتَلف باخْتلَاف الزَّمَان فَإِن اسْتِحْقَاق الْإِمَامَة فِي هَذَا الْعَصْر يتَوَقَّف على عُلُوم لم يكن يتَوَقَّف عَلَيْهَا فِي العصور الْقَدِيمَة، وَقد ذكر بعض الْعلمَاء أَن من مرجحات اخْتِيَار الصَّحَابَة لأبي بكر (رض) أَنه كَانَ أعلمهم بأنساب الْعَرَب وبأحوالهم وقواتهم، وَلأَجل هَذَا لم يهب من قتال أهل الرِّدَّة مَا هابه عمر، ولابد الْآن للْإِمَام وَجَمَاعَة الشورى (أهل الْحل وَالْعقد) الَّذين هم قوام إِمَامَته وأركان حكومته من الْعلم بالقوانين الدولية والمعاهدات الْعَامَّة، وبأحوال الْأُمَم والدول الْمُجَاورَة لبلاد الْإِسْلَام وَذَات العلاقات السياسية والتجارية بهَا من حَيْثُ سياستها وقوتها وَمَا يخَاف ويرجى مِنْهَا، وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ لَا تقاء ضررها وَالِانْتِفَاع بهَا. .
وَمن الْآثَار فِي ذَلِك قَول الْحَافِظ فِي الْكَلَام على مبايعة عُثْمَان من (الْفَتْح) : وَالَّذِي يظْهر من سيرة عمر فِي أمرائه الَّذين كَانَ يؤمرهم فِي الْبِلَاد أَنه كَانَ لَا يُرَاعِي الْأَفْضَل فِي الدّين فَقَط بل يضم إِلَيْهِ مزِيد الْمعرفَة بالسياسة مَعَ اجْتِنَاب مَا يُخَالف الشَّرْع فِيهَا فلأجل ذَلِك اسْتخْلف (أَي أمَّر) مُعَاوِيَة والمغيرة بن شُعْبَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ مَعَ وجود من هُوَ أفضل مِنْهُم فِي أَمر الدّين وَالْعلم كَأبي الدَّرْدَاء فِي الشَّام وَابْن مَسْعُود فِي الْكُوفَة. . وسيرة أبي بكر وَعمر فِي الْخلَافَة يقْتَدى بهَا وَلَا سِيمَا فِي الْأُمُور الْعَامَّة الْكُلية الَّتِي تسمى سنة بِدَلِيل اشْتِرَاط عبد الرَّحْمَن إِيَّاهَا مَعَ سنة الرَّسُول على عَليّ وَعدم تَرْجِيحه لعدم جزمه فِي الْجَواب أَو تَقْيِيده بالاستطاعة وترجيحه لعُثْمَان لجزمه بِغَيْر قيد لِأَن سنتهما نَالَتْ الاجماع وَلقَوْله ( [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] )
" اقتدوا باللذين من بعدِي أبي بكر وَعمر " رَوَاهُ أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه عَن حُذَيْفَة وصححوه، وَبَالغ فُقَهَاء

اسم الکتاب : الخلافة المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست