responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخلافة المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 142
ثمَّ هم واهمون فِيمَا يرْمونَ بِهِ الْإِسْلَام من أَنه يحتم قرن السلطتين فِي شخص وَاحِد. . ويظنون أَن معنى ذَلِك فِي رَأْي الْمُسلم أَن السُّلْطَان هُوَ مُقَرر الدّين، وَهُوَ وَاضع أَحْكَامه وَهُوَ منفذها، وَالْإِيمَان آلَة فِي يَده يتَصَرَّف بهَا فِي الْقُلُوب بالإخضاع، وَفِي الْعُقُول بالإقناع، وَمَا الْعقل والوجدان عِنْده إِلَّا مَتَاع، ويبنون على ذَلِك أَن الْمُسلم مستعبد لسلطانه بِدِينِهِ، وَقد عهدوا أَن سُلْطَان الدّين عِنْدهم كَانَ يحارب الْعلم، ويحمي حَقِيقَة الْجَهْل، فَلَا يَتَيَسَّر للدّين الإسلامي أَن يَأْخُذ بالتسامح مَعَ الْعلم مَا دَامَ من أُصُوله أَن إِقَامَة السُّلْطَان وَاجِبَة بِمُقْتَضى الدّين. وَقد تبين لَك أَن هَذَا كُله خطأ مَحْض وَبعد عَن فهم معنى ذَلِك الأَصْل من أصُول الْإِسْلَام. . وَعلمت أَن لَيْسَ فِي الْإِسْلَام سلطة دينية سوى الموعظة الْحَسَنَة، والدعوة إِلَى الْخَيْر والتنفير من الشَّرّ، وَهِي سلطة خولها الله لأدنى الْمُسلمين يقرع بهَا أنف أعلاهم، كَمَا خولها لأعلاهم يتَنَاوَل بهَا من أَدْنَاهُم. .
وَمن هُنَا تعلم " الْجَمَاعَة " أَن مَسْأَلَة السُّلْطَان فِي دين الْإِسْلَام لَيست مِمَّا يضيق بِهِ صَدره، وتحرج بِهِ نَفسه عَن احْتِمَال الْعلم، وَقد تقدم مَا يُشِير إِلَى مَا صنع الْخُلَفَاء العباسيون والأمويون الأندلسيون من صنائع الْمَعْرُوف مَعَ الْعلم وَالْعُلَمَاء: وَرُبمَا أَتَيْنَا على شئ آخر مِنْهُ فِيمَا بعد.
يَقُولُونَ: إِن لم يكن للخليفة ذَلِك السُّلْطَان الديني أَفلا يكون للْقَاضِي أَو للمفتي أَو شيخ الْإِسْلَام؟ وَأَقُول: إِن الْإِسْلَام لم يَجْعَل لهَؤُلَاء أدنى سلطة على العقائد وَتَقْرِير الْأَحْكَام، وكل سلطة تنَاولهَا وَاحِد من هَؤُلَاءِ فَهِيَ سلطة مَدَنِيَّة قررها الشَّرْع الإسلامي، وَلَا يسوغ لوَاحِد مِنْهُم أَن يَدعِي حق السيطرة على إِيمَان أحد أَو عِبَادَته لرَبه أَو ينازعه فِي طَرِيق نظره " اهـ.

اسم الکتاب : الخلافة المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست