responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخلافة المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 125
وَقد عنيت الدولة البريطانية مُنْذُ أول زمن هَذِه الْحَرْب بالبحث فِي مَسْأَلَة الْخلَافَة وطفق رجالها يستطلعون عُلَمَاء الْمُسلمين وزعماءهم فِي مصر والسودان والهند وَغَيرهَا آراءهم فِيهَا ليكونوا على بَصِيرَة فيمايريدونه من إبِْطَال تَأْثِير إعلان الْخَلِيفَة العثماني الْجِهَاد الديني بِدَعْوَى بطلَان صِحَة خِلَافَته من جِهَة، وبدعوى أَن هَذِه الْحَرْب لَا شَأْن للدّين فِيهَا من جِهَة أُخْرَى، وَقد وجد من منافقي الْهِنْد من كتب لَهُم رِسَالَة باللغة الإنكليزية فِي ذَلِك وأرسلها إِلَيْنَا ناشرها لنترجمها بِالْعَرَبِيَّةِ وننشرها فِي الْمنَار فعجبنا من جَهله ونفاقه، وَلَوْلَا المراقبة الشَّدِيدَة على الصُّحُف عَامَّة والمنار خَاصَّة فِي تِلْكَ الْأَيَّام لرددنا عَلَيْهَا. وَقد اطَّلَعْنَا على مَا كتبه بعض عُلَمَاء مصر لَهُم فِي الْخلَافَة وَهُوَ نقل عبارَة شرح الْمَقَاصِد، وعبارات أُخْرَى فِي مَعْنَاهَا، وَعلمنَا أَن بعض الْعلمَاء كتب لَهُم بعض الْحَقَائِق فِي شَأْنهَا.
وَقد دارت بَيْننَا وَبَين بعض رِجَالهمْ مناقشات فِي الْمَسْأَلَة الْعَرَبيَّة اقْتَضَت أَن نكتب لَهُم مذكرات فِي تخطئة سياستهم فِيهَا، بَينا فِي المذكرة الأولى مِنْهَا الَّتِي قدمناها لَهُم فِي أَوَائِل سنة 1915 أَن أَكثر مُسْلِمِي الأَرْض متمسكون بالدولة العثمانية وخليفتها لِأَنَّهَا أقوى الحكومات الإسلامية، وَأَنَّهُمْ يخَافُونَ أَن يَزُول بزوالها حكم الْإِسْلَام من الأَرْض، وَأَن هَذَا أعظم شَأْنًا عِنْدهم من بَقَاء الْمعَاهد المقدسة سليمَة مصونة، بل بَينا لَهُم أَيْضا أَن إعلانها الْجِهَاد شَرْعِي، وَأَن سَبَب ضعف تَأْثِيره فِي مثل مصر هُوَ الِاعْتِقَاد بِأَنَّهَا منتصرة مَعَ حلفائها فَلَا تحْتَاج إِلَى مساعدة. .
وعدت إِلَى بحث الْخلَافَة فِي آخر مذكرة مِنْهَا، وَهِي الَّتِي أرسلتها إِلَى الْوَزير لويد جورج فِي منتصف سنة 1919 فَقلت فِي بَيَان مَا يرضى الْمُسلمين من انكلترة " إِن الْوَزير قد علم أَن الِاعْتِرَاف باستقلال الْحجاز وَتَسْمِيَة أَمِير مَكَّة ملكا لم يكن لَهُ ذَلِك التَّأْثِير الَّذِي كَانَ الإنكليز يتوقعونه من قُلُوب الْمُسلمين، ذَلِك بِأَن بِلَاد الْحجاز أفقر الْبِلَاد الإسلامية وأضعفها فِي كل شَيْء، وَهِي موطن عبَادَة، لَا ملك وسيادة وَلم يكن الْمُسلمُونَ مضطربين من الْخَوْف على الْمَسَاجِد المقدسة أَن تهدم، أَو يمْنَع النَّاس من الصَّلَاة فِيهَا وَالْحج إِلَيْهَا وزيارتها، بل الِاضْطِرَاب الْأَعْظَم على السلطة الإسلامية الَّتِي يَعْتَقِدُونَ أَن لَا بَقَاء لِلْإِسْلَامِ بِدُونِهَا، والحرص على بَقَائِهَا ممزوج بِدَم كل مُسلم وعصبه، فَهُوَ لَا يرى دينه بَاقِيا إِلَّا بِوُجُود دولة إسلامية مُسْتَقلَّة قَوِيَّة قادرة بذاتها على تَنْفِيذ أَحْكَام شَرعه بِغَيْر معَارض وَلَا سيطرة أَجْنَبِيَّة، وَهَذَا هُوَ السَّبَب فِي

اسم الکتاب : الخلافة المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست