responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 715
يصعد الجبل شديد الانحدار ولا يخاف تسلق التل المنبسط, ويخشى أن يركب الفرس الجموح ولكنه يسعى إلى امتطاء المطية الذلول, والإنسان في هذا كله يقدر المنفعة والضرر ويوازن بينهما, فإن رجحت كفة المنفعة فهو مقدم عليها وإن رجحت كفة الضرر فهو محجم عنها, وطبيعة الإنسان تلازمه في الخير والشر, في الأعمال المباحة والأعمال المحرمة, فلا يرتكب الجريمة إلا لما ينتظره منها من منفعة, ولا ينتهي عن الجريمة إلا لما يخشاه من مضارها, كلما اشتدت العقوبة كلما ابتعد الناس عن الجريمة, وكما خفت العقوبة كلما ازداد إقالهم على الجريمة, وكلما نظرنا إلى الجريمة دون المجرم أيس المجرم فلم يطمع في استعمال الرأفة ونأى بجانبه عن الجريمة وسلك طريق الاستقامة, وقد استغلت الشريعة طبيعة الإنسان فوضعت على أساسها عقوبات الجرائم عامة وعقوبات جرائم الحدود والقصاص خاصة, ونظرت في الجرائم الأخيرة إلى الجريمة دون المجرم؛ لأن هذه الجرائم من الخطورة بمكان, ولأنها تمس كيان الجماعة ونظامها, فالتساهل فيها يؤدي إلى أسوء النتائج, والتشدد
فيها يؤدي إلى قلة وقوع هذه الجرائم.
ولدينا تجربة في القانون المصري تثبت أن إهمال شخصية المجرم في الجرائم الخطيرة يؤدي إلى أفضل النتائج, فقد رأى الشارع المصري أخيراً أن يهمل شخصية الجاني إلى حد ما في جرائم المخدرات فأصدر القانون رقم 21 لسنة 1928, وهو قانون يشدد عقوبة إحراز المخدرات ويضع حداً أدنى للعقوبة, كما يقضي بأن لا تقل العقوبة عن ضعف الحد الأدنى في حالي العود ويمنع إيقاف تنفيذ العقوبة, وقد ترتب على صدور هذا القانون أن قلت جرائم المخدرات قلة ظاهرة وصارت تقل سنة بعد أخرى, فقد كان عدد جرائم المخدرات 21113 جريمة في سنة 1926 - 1927 أي في السنة السابقة على صدور القانون, فأصبحت 11404 جريمة في سنة 1928 - 1929, وأصبحت 8599 جريمة في سنة 1929 - 1930 ونزلت إلى 1922 جريمة في السنة 1936 - 1937 كما نزلت إلى 1926 جريمة في سنة 1942 -

اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 715
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست