اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 653
السر الذي جعلها تنجح نجاحاً باهراً في الحجاز في عصرنا هذا فتحوله من بلد كله فساد واضطراب ونهب وسرقات إلى بلد كله نظام وسلام وأمن وأمان. لقد كان الحجاز قبل أن تطبق في الشريعة الإسلامية أخيراً أسوأ بلاد العالم أمناً, فكان المسافر إليه أو المقيم فيه لا يأمن على نفسه وماله وعياله ساعة من ليل بل ساعة من نهار بالرغم مما له من قوة وما معه من عدة, وكان معظم السكان لصوصاً وقطاعاً للطرق, فلما طبقت الشريعة أصبح الحجاز خير بلاد العالم كله أمناً, يأمن فيه المسافر والمقيم, وتترك فيه الأموال على الطريق حتى تأتي الشرطة فيحملونها إلى حيث يقيم صاحبها.
461 - عقوبة السرقة في القانون: وتجعل القوانين الحبس عقوبة للسرقة، وهي عقوبة قد أخفقت في محاربة الجريمة على العموم والسرقة على الخصوص, والعلة في هذا الإخفاق أن عقوبة الحبس لا تخلق في نفس السارق العوامل النفسية التي تصرفه عن جريمة السرقة؛ لأن عقوبة الحبس لا تحول بين السارق وبين العمل والكسب إلا مدة الحبس, وما حاجته إلى الكسب في الحبس وهو موفر الطلبات مكفي الحاجات؟ فإذا خرج من محبسه استطاع أن يعمل وأن يكسب وكان لديه أوسع الفرص لأن يزيد من كسبه وينمي ثروته من طريق الحلال والحرام على السواء, واستطاع أن يخدع الناس وأن يظهر أمامهم بمظهر الشريف فيأمنوا جانبه ويتعاونوا معه, فإن وصل في الخاتمة إلى ما يبغي فذلك هو الذي أراد, وإن لم يصل إلى بغيته فإنه لم يخسر شيئاً ولم تفته منفعة ذات بال.
أما عقوبة القطع فتحول بين السارق وبين العمل, أو تنقص من قدرته على العمل والكسب نقصاً كبيراً, ففرصة زيادة الكسب مقطوعة بضياعها على كل حال, ونقص الكسب على حد ضئيل أو انقطاعه هو المرجح في أغلب الأحوال, ولن يستطيع أن يخدع الناس, أو يحملها على الثقة به والتعاون معه
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 653