اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 650
الخمر العقوبة التي ترده إلى آلام النفس والبدن, وإذا ما فكر في شرب الخمر ليهرب من عذاب الحقائق ذكر مع الخمر أنه سوف يرد إلى عذاب الحقائق وعذاب العقوبة, وفي هذا ما يصرف الشخص غالباً عن ارتكاب الجريمة، فإذا لم يصرف عنها وارتكابها مرة كان فيما يصيبه من العقوبة هذه المرة ما يغلب العوامل النفسية الصارفة عن الجريمة على العوامل النفسية الداعية إليها إذا ما فكر في الجريمة مرة أخرى.
458 - الخمر طبياً واجتماعياً: ومن المسلم به من الناحيتين الطبية والاجتماعية في عصرنا الحاضر أن الخمر لا فائدة فيها وأن أضرارها لا تحصى, فهي تفسد العقل, وتفسد الصحة, وتؤدي إلى العقم أحياناً, وإلى ضعف النسل غالياً, كما تؤدي إلى ضياع المال, وضياع الكرامة, فكان المعقول بعد هذا أن تأتي دولة كمصر فتحرم الخمر مستندة إلى دستورها الذي يجعل دين الدولة الرسمي الإسلام, وإلى الإسلام الذي يحرم الخمر ويعاقب على شربها, وإلى النتائج السيئة التي تنتج عن شرب الخمر, ولكن مصر لم تفعل شيئاً من هذا وأباح قانونها الوضعي الخمر إباحة مطلقة فلم يعاقب على شربها أو إحرازها أو بيعها, وإذا كان قد عاقب شارب الخمر إذا سكر وتواجد في محل عام فالعقاب في هذه الحالة ليس على شرب الخمر والسكر وإنما على التواجد في محل عام بحالة سكر بيّن، ولم يتشدد القانون في عقاب هذه الحالة الوحيدة فجعل الجرائم مخالفة عقوبتها الغرامة التي لا تزيد على مائة قرش أو الحبس البسيط الذي لا يتجاوز أسبوعاً [1] . والعيب في هذا ليس على واضع القانون فهو رجل أوروبي غير مسلم ينقل عن القانون الفرنسي, ولكن العيب عيب الذين أقروا هذا القانون ورضوا به وطبقوه وهو باطل بطلاناً مطلقاً في كل ما يخالف الشريعة الإسلامية, والعيب عيب من أرادوا أن يجعلوا من مصر البلد الشرقي الإسلامي مقاطعة [1] المادة 385 من قانون لعقوبات المصري.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 650