اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 595
أما بقية الأئمة فجعلوا التعويض على المجنون وعاقلته؛ لأنهم اعتبره مخطئاً لا عامداً ولو جعلوا التعويض كله في ماله مع اعتباره مخطئاً لكان مركز المجنون في جرائم القتل والجرح أسوأ من مركز العاقل المخطئ؛ لأن العاقل المخطئ لا يلزم إلا بالدية، تحملها معه العاقلة.
427 - مقارنة بين الشريعة والقانون: يختلف القانون المصري والقانون الفرنسي عن الشريعة في هذه المسألة، فكلاهما لا يجعل المجنون مسئولاً مدنياً عن جرائمه ولكنه يحمل المسئولية الشخص المكلف بملاحظة المجنون باعتبار أنه أهمل في ملاحظته، ويعللون عدم مسئولية المجنون مدنياً بأنه فاقد الشعور والاختيار وأن كل مسئولية تقتضي وجود خطأ ولا خطأ إذا لم تكن هناك إرادة. وليس للمسئول عن ملاحظة المجنون أن يرجع المجنون بما سببه له من المسئولية بفعله، ولو أن القاعدة العامة أن المسئول عن غيره له أن يرجع على هذا الغير [1] ، ويعللون هذا الحكم بأن الخطأ خطأ المسئول عن ملاحظة المجنون؛ لأنه مكلف بملاحظته والإشراف عليه وحمايته من أعماله الضارة. وهو تعليل فيهشئ من التعسف.
ونصوص القانون المصري والفرنسي في المسئولية المدنية تقوم على نظرية التقليدية نظرية الخطأ La faute، ولكن هناك نظرية أخرى حديثة هي نظرية الخطر La theorie du risque تحاول أن تزحزح النظرية التقليدية عن مكانها، ومقتضى نظرية الخطر أن المجنون يسأل مدنياً عن تعويض الأضرار التي أحدثها من ماله الخاص، وقد طبق القانون الألماني والقانون السويسري نظرية الخطر، فالقانون الألماني يلزم المجنون بتعويض ما أحدثه من ضرر في حدود مقدرته على دفع التعويض، والقانون السويسري يبيح للقاضي أن يحكم على غير المسئول [1] المسئولية المدنية لمصطفى مرعي ص153.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 595