اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 590
أبي حنيفة، ويأخذون بإقرار الأبكم ما لم يكن في الإشارة شبهة ولا يرون درء الحد عنه بالصمم والبكم.
422 - الحركة النومية: يأتي بعض الناس أفعالاً وهو نائم دون أن يشعر، ويغلب أن تكون الحركات التي يأتي بها النائم ترديداً للحركات التي اعتاد أن يأتيها في اليقظة، ولكن يحدث أن يأتي بحركات مخالفة لا علاقة لها بالحركات التي يأتيها وهو متيقظ.
ويعللون حركة النائم من الناحية العلمية بأن ملكات الإنسان جميعاً لا تتأثر بنومه بل يهجع بعضها ويظل البعض متنبهاً بدرجات مختلفة, ويحدث عند من تنتابهم هذه الحالة أن تتنبه فيهم بعض الملكات بدرجة غير عادية فتؤدي وظائفها العادية دون أن يشعر النائم بذلك، فيتحرك أو يكتب أو يأتي أعمالاً أخرى، ثم تزول حالة التنبه الطارئة فيعود النائم إلى حالته الطبيعية ولا يشعر بعد اليقظة مما حدث منه أثناء النوم.
والقاعدة العامة في الشريعة أن لا عقاب على النائم، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق"، وإذا كان الحديث قد جمع بين حالة النوم وحالة الجنون وجعل حكمهما واحداً إلا أن الفقهاء يلحقون حالة النوم بالإكراه ولا يلحقونها بالجنون، ولعل الحكمة في هذا هي أن النائم المتيقظ يتمتع بالإدراك وإنما يفقد فقط الاختيار، فهو يعمل ما يعمل دون أن يقصد عمله، وهو وقت العمل لا يفقد إدراكه بدليل أنه لا يأتي أعماله اعتباطاً ويميز بين الضار والنافع ولا يأتي أعمالاً تضر به.
وشراح القانون الوضعي يتكلمون عن هذه الحالة إذا تكلموا عن الجنون، على أساس أن النائم يكون فاقد الإدراك والاختيار معاً، وأن ميوله هي التي تحرك عضلاته دون أن يرى ما يفعل ببصره أو بعقله.
ويلوح لي أن إلحاق هذه الحالة بالإكراه أقرب للمنطق من إلحاقها بالجنون
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 590