responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 498
درجته فهو بالخيار إن شاء منع المنكر ونهى عنه، وإن شاء تركه بحسب ما يؤديه إليه اجتهاده.
أما إذا علم أن إزالة المنكر ستؤدي إلى ما هو شر منه فقد سقط عنه الواجب، بل حرم عليه النهي، ومن الأمثلة على ذلك أن يجد مع شخص شراباً حلالاً نجس بسبب وقوع نجاسة فيه ويعلم أنه لو أراقه لشرب صاحبه الخمر فلا معنى لإراقته، ومثل ذلك ما حدث من ابن تيمية، فقد مر وبعض أصحابه في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم أصحاب ابن تيمية شرب الخمر ولكن ابن تيمية أنكر على أصحابه قولهم، وقال لهم: إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء تصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال، فدعوهم وخمرهم [1] .
ومن علم أن أمره أو نهيه لا يفيد ولكنه لم يخف مكروهاً، فلا يجب عليه الأمر والنهي [2] لعدم فائدتهما، ولكن يستحب له أن يأمر وينهى لإظهار شعائر الإسلام وتذكير الناس بأمر الدين [3] .
ومن استطاع أن يبطل المنكر بفعله ولكنه يعلم أنه يصاب بمكروه بسبب تعرضه لإبطال المنكر، فلا يجب عليه إبطال المنكر، ولكن ستحب له أن يبطله [4] ، كمن يقدر على إراقة الخمر أو تكسير أدوات اللهو، ولكنه يعلم أنه سيضرب إن فعل هذا، فلا يجب عليه إبطال المنكر، وإنما يستحب له أن يبطله لا باعتباره واجباً، بل باعتباره قربة من القربات.
ويلحق بالعجز الحسي العجز العلمي، فالعامي لا يجب عليه الأمر والنهي إلا في الجليات المعلومة كشرب الخمر والزنا والسرقة وترك الصلاة، وفيما عدا الجليات

[1] إحياء علوم الدين المجلد الثاني ج7 ص26 وما بعدها، أعلام الموقعين ج3 ص28 مجموعة الرسائل، الحسبة ص67، 68.
[2] إحياء علوم الدين المجلد الثاني ج7 ص26.
[3] يرى البعض أن الواجب لا يسقط في هذه الحالة. راجع: أسنى المطالب ج4 ص180.
[4] إحياء علوم الدين المجلد الثاني ج7 ص26.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 498
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست