responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 439
لا يعفى من المسئولية المدنية؛ لأن الأموال والدماء معصومة والأعذار الشريعة لا تتنافى مع عصمة المحل [1] ، وطبقاً لهذا الرأي لا يعاقب الناسي إذا ارتكب فعلاً محرماً ما دام قد أتى الفعل وهو لا يذكر أنه محرم، ولكن النسيان لا يسقط الواجبات بل على الناسي إتيانها حين يذكرها أو يذكر بها، وإلا وجبت عليه العقوبة المقررة.
ويرى البعض أن النسيان عذر بالنسبة للمؤاخذة في الآخرة؛ لأن العقوبة الأخروية تنقضي على القصد ولا قصد للناسي. أما بالنسبة لأحكام الدنيا فلا يعتبر النسيان عذراً معفياً من العقوبة الدنيوية إلا فيما يتعلق بحقوق الله تعالى، فإنه يعتبر عذر فيها بشرط أن يكون هناك داع طبيعي للفعل، وأن لا يكون هناك ما يذكر الناسي بما نساه. ويضربون مثل لذلك أكل الصائم ناسياً فإن طبع الإنسان يدعوه للأكل وليس هناك ما يذكره بالصوم. أما ما يتعلق بحقوق الأفراد فالنسيان لا يعتبر فيها عذراً بأي حال [2] .
وإذا كانت بعض الجرائم مما يمس حقوق الله كالزنا وشرب الخمر وما أشبه، إلا أنه يمكن القول بأن الجرائم التي يعتبر النسيان فيها عذراً يندر وقوعها؛ لأن نسيان الفعل المحرم نادر في ذاته؛ ولأن الجريمة التي تنسى يجب أن يندفع إليها الناسي بدوافع طبيعية كما يجب أن لا يكون هناك ما يذكره بالتحريم. ويمكننا أن نتصور من أسلم حديثاً يعطش فيشرب الخمر ناسياً، ومن طلق امرأته طلاقاً بائناً يأتيها وهي في العدة ناسياً.
وسواء أخذ بهذا الرأي أو بالرأي السابق فإن ادعاء النسيان وحده لا يعفي من العقاب، وإنما يبقى قبل كل شئ أن يثبت الجاني أنه ارتكب الجريمة ناسياً،

[1] أعلام الموقعين ج2 ص140، المستصفى للغزالي ج1 ص84، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج1 ص217، الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ج5 ص149 وما بعدها.
[2] أصول الفقه للخضري ص119، مجلة القانون والاقتصاد السنة الأولى ص374، الأشباه والنظائر ص166، 167.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 439
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست