اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 373
المقدرة جعلت لمباشر الجريمة دون الشريك المتسبب، وتطبيق هذه القاعدة يقتضي أن من اشترك في جريمة من جرائم الحدود أو القصاص لا يعاقب بالعقوبة المقررة للجريمة أياً كانت وسيلة الاشتراك، أي سواء كان الاشتراك بالاتفاق أو التحريض أو العون، وإنما يعاقب بالتعزير.
والعلة في اختصاص هذه القاعدة بجرائم الحدود والقصاص أن العقوبات المقررة لهذه الجرائم بالغة الشدة، وأن عدم مباشرة الشريك المتسبب للجريمة يعتبر شبهة تدرأ عنه الحد، ولأن الشريك المتسبب أياً كان الحال أخف جرماً وأقل خطراً من مباشر الجريمة، ومن ثم لم تستو عقوبتهما.
لكن إذا كان فعل الشريك المتسبب بحيث يجعله في حكم المباشر، كما لو كان المباشر مجرد أداة في يد الشريك المتسبب فإن الأخير يعاقب في هذه الحالة بعقوبة الحد أو القصاص؛ لأنه يعتبر شريكاً مباشراً لا شريكاً متسبباً.
وقد عرفنا نظرية مالك التي تعتبر الشريك المتسبب أياً كانت وسيلة الاشتراك شريكاً مباشراً إذا حضر تنفيذ الجريمة، وكان بحيث إذا لم ينفذها غيره نفذها هو، أو اشترك مع غيره في تنفيذها. وبمقتضى هذه النظرية يعاقب الشريك المتسبب بعقوبة الحد والقصاص كلما اعتبر شريكاً مباشراً.
أما جرائم التعازير فنستطيع أن ننظر إليها من وجهين:
1 - فإذا قسناها على جرائم الحدود والقصاص وجب أن لا نسوي بين عقوبة الشريك المباشر وعقوبة الشريك المتسبب، ووجب أن نجعل عقوبة الأخير أخف من عقوبة الأول، ويمكن تعليل هذا الرأي بأن القواعد التي تنطبق على جرائم الحدود والقصاص، هي نفس القواعد التي تنطبق على جرائم التعازير في الغالب، وأن الشريك المتسبب أقل خطراً وأخف جرماً من الشريك المباشر، فلا معنى للتسوية بين مختلفين.
2 - وإذا قلنا إن القاعدة خاصة بجرائم الحدود والقصاص، وإن سبب
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 373