اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 370
عمل السبب ولم يكن السبب ملجئاً، كمن ألقى بآخر في لجة لا تستطاع النجاة منها فلقيه ثالث في اللجة فقتله.
الثالثة: أن يعتدل السبب والمباشرة، ويكون ذلك كلما تساوى عملهما، كالإكراه على القتل، فإن المكره هو الذي يحرك المباشر ويحمله على ارتكاب الحادث، ولولا الأول لما فعل الثاني شيئاً، ولولا فعل الثاني ما أدى الإكراه للقتل.
فالخلاف واقع في تطبيق هذه القواعد لا في غيرها، إذ الممسك يعتبر متسبباً في القتل والثاني مباشراً له، فقد اجتمعت إذن مباشرة وتسبب. فمن اعتبر الممسك شريكاً مباشراً فقد رأى أن المباشرة اعتدلت مع السبب وتساوى عملهما، ومن اعتبر الممسك شريكاً بالتسبب فقد رأى أن المباشرة تغلبت على السبب وأن عمل الممسك يعتبر إعانة على القتل لا مباشرة له.
ويعتبر مالك المعين شريكاً مباشراً في حالة التمالؤ على الجريمة، أي في حالة الاتفاق السابق على الجريمة إذا حضر المعين محل الحادث، أو كان على مقربة منه، بحيث لو استعين به على ارتكاب الجريمة لم يتأخر عن ارتكابها. فإذا لم يكن هناك اتفاق سابق عى الجريمة، وإذا حضر المعين محل الحادث ولم يكن على استعداد لارتكاب الجريمة لو استعين به، فهو شريك بالتسبب فقط. أما بقية الفقهاء فيعتبرون المعين شريكاً بالتسبب في كل الحالات ما دام أنه لم يباشر تنفيذ الجريمة.
الشرط الثالث: أن يكون الشريك قاصداً من وسائله وقوع الفعل المعاقب عليه. ويشترط أن يقصد الشريك من اتفاقه أو تحريضه أو عونه وقوع جريمة معينة، فإن لم يقصد جريمة بعينها فهو شيك في كل جريمة تقع ما دامت تدخل في قصده المحتمل، فإذا لم يقصد الشريك جريمة ما، أو قصد جريمة معينة فارتكب الجاني غيرها، فلا اشتراك. فمن أعطى إنساناً فأساً ليعزق بها أرضه فقتل بها آخر فلا يعتبر أنه أعان القاتل على القتل، ومن حرض إنساناً على ضرب آخر فأتلف زراعته فلا يعتبر شريكاً في جريمة الإتلاف. على أن عدم
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 370