responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 358
256 - اهتمام وإهمال: ويجب أن نلاحظ قبل كل شئ أن فقهاء الشريعة اهتموا بإبراز أحكام الاشتراك المباشر، بينما أهملوا إلى حد كبير أحكام الاشتراك بالتسبب، ولذلك الاهتمام وهذا الإهمال علتان:
العلة الأولى: أن الفقهاء - كما ذكر من قبل [1] - قصروا همهم على بيان أحكام الجرائم ذات العقوبات المقدرة وهي جرائم الحدود والقصاص، لأنها جرائم ثابتة لا تقبل التغيير والتعديل، ولأن عقوباتها مقدرة لا تقبل الزيادة أو النقص. أما جرائم التعزير فلم يهتموا بها ولم يضعوا لها أحكاماً خاصة، لأنها في الغالب جرائم غير ثابتة، تتغير بتغير ظروف الزمان والمكان واختلاف وجهات النظر، كما أن عقوبات التعزير غير ثابتة فهي تقبل الزيادة والنقص.
العلة الثانية: أن القاعدة العامة في الشريعة أن العقوبات المقدرة تقع على من باشر الجريمة دون المتسبب، وهذه القاعدة مطبقة بدقة عند أبي حنيفة، ولكن بقية الفقهاء يستثنون من القاعدة جرائم الاعتداء على النفس وما دونها؛ أي جرائم القتل والجرح، وحجتهم في ذلك أن من طبيعة هذه الجرائم أن تقع بالمباشرة والتسبب، وأنها تقع كثيراً بالتسبب، فلو طبقت القاعدة على المباشر فقط لامتنع توقيع العقوبة المقدرة على المتسبب مع أنه نفذ الركن المادي للجريمة كما فعل المباشر. ويقصر هؤلاء الفقهاء الاستثناء على الشركاء المباشرين، أما الشركاء المتسببون فيخضعونهم للقاعدة العامة.
ويترتب على القاعدة العامة أن الشريك المتسبب إذا اشترك في جريمة ذات عقوبة مقدرة لم يعاقب بهذه العقوبة؛ لأن العقوبة المقدرة لا تقع إلا على الشريك المباشر فقط، فجريمة الاشتراك بالتسبب هي من جرائم التعازير في كل حال سواء اشترك الشريك المتسبب في جريمة من جرائم الحدود والقصاص،

[1] راجع الفقرة 248.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 358
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست