responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 353
عليه سقطت عقوبته بالرغم من أنه أتى الجريمة التامة. وإذا كان هذا هو حكم من أتم الجريمة فأولى به أن يكون حكم من لم يتمها.
وإذا كان الفقهاء قد اتفقوا على أن التوبة تسقط العقوبة المقررة لجريمة الحرابة [1] إذا حدثت التوبة قبل القدرة على المحارب، فإنهم اختلفوا في أثر التوبة على ما عدا هذه الجريمة، ولهم في ذلك ثلاث نظريات:
النظرية الأولى: ويقول بها بعض الفقهاء في مذهب الشافعي ومذهب أحمد، ومجمل رأيهم أن التوبة تسقط العقوبة، وحجتهم في ذلك أن القرآن نص على سقوط عقوبة المحارب بالتوبة، وجريمة الحرابة هي أشد الجرائم، فإذا دفعت التوبة عن المحارب عقوبته كان من الأولى أن تدفع التوبة عقوبة ما دون الحرابة من الجرائم، وأن القرآن لما جاء بعقوبة الزنا الأولى رتب على التوبة منع العقوبة، وذلك قوله تعالى: {وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا} [النساء: 16] ، وذكر القرآن حد السارق وأتبعه بذكر التوبة في قوله تعالى: {فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} [المائدة: 39] ، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، ومن لا ذنب له لا حد عليه، وقال الرسول في ماعز لما أُخبر بهربه: "هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه".
ويشترط هؤلاء الفقهاء لتُسقط العقوبة أن تكون الجريمة مما يتعلق بحق الله، أي أن تكون من الجرائم الماسة بحقوق الجماعة كالزنا والشرب، وأن لا تكون مما يمس حق الأفراد كالقتل أو الضرب، ويشترط بعض هؤلاء الفقهاء شرطاً آخر، وهو أن تكون التوبة مصحوبة بإصلاح العمل، وهذا الشرط

[1] من المتفق عليه أن التوبة تسقط ما يمس حقوق الجماعة أما ما يمس حقوق الأفراد فلا يسقط بالتوبة. فالمحارب إذا أخذ المال فقط ثم تاب سقطت عنه عقوبة القطع بالتوبة ولكنه يلزم برد المال، وإذا أخذ المال وقتل ثم تاب سقطت عنه عقوبة القتل حداً ولكنه يلزم برد المال ولا تسقط عنه عقوبة القصاص إلا بعفو أولياء القتيل.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 353
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست