responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 335
الشريعة الإسلامية لضمنوا تحقيق ما شاءوا من مبادئ، ولمنعوا من وقوع هذه المساوئ.
ولعل عذر المشرعين الوضعيين فيما حدث أن القوانين الوضعية كانت إلى ما قبل الثورة الفرنسية تقوم على أساس ديني يراعى فيه مذهب الحاكم واعتقاده، لا مذاهب المحكومين جميعاً وعقائدهم، بحيث كان المخالفون في العقيدة يحملون حملاً بسطوة القانون على اعتناق مذهب الحاكم أو عقيدته، وقد أدى هذا المسلك إلى إثارة الشحناء والبغضاء بين أفراد الشعب الواحد، وإراقة الدماء وتعدد المذابح، مما كان له رد فعل قوي حمل المشرعين على أن يعالجوا هذه الحالة بتجريد القوانين الحديثة من كل ما يمس العقائد والأخلاق والأديان، ولكن هذا العلاج أدى إلى نتائج لا تقل سوءاً كما رأينا، ولا أظن أن هناك علاجاً موفقاً كعلاج الذي ارتأته الشريعة، فإنه يؤدي إلى الأخذ بمبدأي المساواة وحرية الاعتقاد، كما يؤدي في الوقت نفسه إلى الاحتفاظ بالقيم الأخلاقية والروحية، وهي الأساس الأول في احترام الشرائع والقوانين.
ويجب ألا ننسى حين نقارن القوانين الوضعية بالشريعة الإسلامية، أن الشريعة الأخيرة شريعة دينية أساسها الإسلام، فلا يمكن بطبيعة الحال أن تتجه اتجاهاً يخالف الإسلام، وأن الدين الإسلامي يعتبر النظام الأساسي للدولة بكل ما يشتمل عليه من صوم وصلاة وزكاة وحج وتوحيد، وبكل ما يوجبه ويحرمه، وهو نظام لا يقبل التجزئة بطبيعته، فليس من المستطاع الأخذ ببعضه وترك بعضه؛ لأن الأخذ ببعضه وترك بعضه هدم له. وقد فهم أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا الوضع حق الفهم، فحاربوا مانعي الزكاة بعد وفاة الرسول واعتبروهم مرتدين، مع أن المسلمين كانوا في أشد الحاجة إلى المسالمة في هذا الوقت العصيب الذي انتفضت فيه شبه جزيرة العرب كلها على المسلمين.

اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 335
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست