responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 328
يبيح القول الصادق والقول الكاذب معاً، وليس بعد هذا تناقض ولا اضطراب.
والعيب الخلقي الاجتماعي أن القانون حين قرر حماية الحياة الخاصة للأفراد قد قضى بإفساد الحياة العامة للجماعة؛ لأن الأفراد هم الذين يكونون الجماعة، وإذا صلحوا صلحت الجماعة، ولا يمكن أن يتصور وجود جماعة صالحة أفرادها فاسدون، ولا شك أن حماية حياة الأفراد الخاصة يؤدي إلى فساد أخلاقهم، وهدم الوازع الأدبي في نفوسهم، فمن يحاول أن يوجد جماعة صالحة من هؤلاء قبل اجتثاث الفساد من نفوسهم فهو كمن يحاول إقامة بيت من لبنات تالفة غير متماسكة، فلا يكاد ينتهي من بنائه حتى يخر عليه من السقف أو ينتقض من القواعد.
أما المبدأ الأساسي للجرائم القولية في الشريعة فأساسه تحريم الكذب والافتراء، وإباحة الصدق في كل الأحوال، ولذلك فلا عقاب في الشريعة على من يقول الحق، ولا مؤاخذة على من يسمي الأشياء بمسمياتها، والمواصفات بأوصافها، لا عقاب على من يقول للزاني يا زاني إذا أثبت أنه زان، ولا عقاب على من يقول للسارق يا سارق إذا أثبت أنه سارق، ولا عقاب على من يقول للكاذب إنك كاذب إذا لم يعد قول الحق.
وليس لهذا المبدأ استثناءات ما، فكل إنسان يستطيع أن يطعن في أعمال الموظفين العموميين والنواب والمكلفين بخدمات عامة وينسب إليهم عيوبهم ما دام يستطيع إثبات مطاعنه، وله أن يتعدى أعمالهم العامة إلى أعمالهم وحياتهم الخاصة ما دام يستطيع إثبات مطاعنه، وليس لهم أن يتضرروا من عيوبهم ولا من الصفات القائمة في أعمالهم أو أشخاصهم.
ولم تحم الشريعة الإسلامية الحياة الخاصة للموظفين العموميين ومن في حكمهم كما تفعل القوانين الوضعية؛ لأن الشريعة لا تحمي النفاق والرياء والكذب، ولأن الشخص الذي لا يستطيع أن يسير سيرة حسنة في حياته الخاصة ليس أهلاً -

اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 328
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست