responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 321
عليه ليستوفيه؛ ولأن فائدة الإيجاب الاستيفاء، فإذا تعذر لم يجب، بخلاف حقوق العباد كالقصاص وضمان المتلفات؛ لأن حق استيفائها لمن له الحق فيكون الإمام فيه كغيره، وإن احتاج إلى المنَعَة فالمسلمون منعته فيقدر بهم على الاستيفاء، فكان الوجوب مفيدا (ً [1] .
وخلاصة ما سبق أن الجرائم التي تمس حقوق الجماعة لا يعاقب عليها الإمام الذي ليس فوقه إمام؛ لا لأنه معفي من العقاب، ولكن لتعذر إقامة العقوبة عليه، إذ أنه صاحب الولاية على غيره، وليس لغيره ولاية عليه حتى يقيم عليه العقوبة، ولأن ولاية العقاب في الجرائم التي تمس حقوق الجماعة للإمام وليست للأفراد، وإذا كانت الشريعة توجب العقاب على هذه الجرائم، إلا أن ولاية الإمام على حق العقاب في هذه الجرائم تمنع من العقاب على الجرائم التي يرتكبها الإمام، حيث لا يعقل أن يعرض الإمام نفسه للخزي والنكال بإقامة الحد على نفسه، وإذا امتنع تنفيذ العقوبة فقد امتنع الواجب وهو العقاب، وإذا امتنع الواجب لم يعد واجباً.
فالفعل المحرم في رأي أبي حنيفة يظل محرماً ويعتبر جريمة، ولكن لا يعاقب عليه لعدم إمكان العقاب. ويترتب على هذا أن الإمام لو زنا وهو محصن فقتله أي فرد من الأفراد فإن القاتل لا يعاقب على القتل؛ لأنه قتل شخصاً مباح الدم [2] ، إذ الزنا من محصن عقوبته الموت، ولما كانت عقوبة الزنا من الحدود، والحدود لا يجوز تأخيرها ولا العفو عنها، فإن قتل الزاني المحصن يعتبر واجباً لا بد منه إزالة للمنكر، وتنفيذاً لحدود الله، فمن يقتل الزاني المحصن فإنه يؤدي واجباً عليه، ومن ثم فلا يمكن اعتباره قاتلاً.
أما الجرائم التي تمس حق الأفراد كالقتل والجرح، فيرى أبو حنيفة أن

[1] شرح فتح القدير ج4 ص160، 161، البحر الرائق ج5 ص20، الزيلعي ج3 ص187.
[2] حاشية الطهطاوي ج4 ص260.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 321
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست