responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 317
ولا فضل لأبيض على أسود كما يفضل اليوم الأمريكي الأبيض على الأمريكي الأسود، ولا فضل لعربي على عجمي، أي لا فضل لجنس على جنس كما ادعت ألمانيا وغيرها من دول أوروبا أفضليتها على بقية الأجناس.
والتقوى هي وحدها نصاب التفاضل بين الناس في الشريعة الإسلامية، ولكنه تفاضل في حدود معينة، تفاضل بين الناس عند ربهم فقط، فأكرمهم عند الله أتقاهم، وكون التقي كريماً على الله لا يعطيه حقاً عند الناس يزيد على ما لغيره من الحقوق، فالتقوى صفة تؤثر في صلة الإنسان بربه أكثر مما تؤثر في صلة الإنسان بغيره، والتفاضل الذي ينشأ عن التقوى هو تفاضل معنوي لا مادي.
وتطبق الشريعة مبدأ المساواة إلى أوسع مدى يتصوره العقل البشري، ولهذا لا تفرق نصوصها بين الرؤساء والمرءوسين، ولا بين الملوك والسوقة، ولا بين ممثلي الدول السياسيين والرعايا العاديين، ولا بين ممثلي الشعب وأفراده، ولا بين الأغنياء والفقراء، ولا بين الظاهرين والخاملين، وسنبين فيما يلي حكم هذه الحالات التي جعلناها أمثلة على انعدام المساواة في القوانين.
237 - المساواة بين رؤساء الدول والرعايا: تسوي الشريعة بين رؤساء الدول والرعايا في سريان القانون، ومسئولية الجميع عن جرائمهم، ومن أجل ذلك كان رؤساء الدول في الشريعة أشخاصاً لا قداسة لهم، ولا يمتازون عن غيرهم، وإذا ارتكب أحدهم جريمة عوقب عليها كما يعاقب أي فرد.
ولقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو نبي ورئيس دولة لا يدعي لنفسه قداسة ولا امتيازاً، وكان يقول دائماً: {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [الكهف: 110] ، و {هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً} [الإسراء: 93] ، وكان قدوة لخلفائه وللمسلمين في توكيد معاني المساواة بين الرؤساء والمرءوسين. دخل عليه أعرابي فأخذته هيبة الرسول، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: "هوَّن عليك، فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد"، وتقاضاه غريم له دَيْناً فأغلظ عليه، فهم به عمر بن الخطاب، فقال الرسول: "مه يا عمر، كنتُ أحوج إلى

اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 317
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست