اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 292
وحدة قانونية لا تختلف فيها الأحكام باختلاف الجهات ولا باختلاف الأجناس، واعتبرت البلاد غير الإسلامية داراً واحدة؛ لأن الأحكام التي تسري عليها طبقاً للشريعة الإسلامية أحكام واحدة لا تختلف باختلاف الجهات واختلاف الأجناس. وهذا هو الأساس الصحيح لتقسيم العالم إلى دار حرب ودار إسلام.
وعلى هذا فتعدد الدول الإسلامية لن يمنع اليوم من تطبيق النظريات الإسلامية كما لم يمنع من تطبيقها قديماً، فقد طبقها الأندلسيون في الأندلس، والمغاربة في المغرب، والعلويون في مصر، والعباسيون في بغداد، ونستطيع اليوم أن نطبقها في مصر وفي لبنان وفي سوريا والعراق والحجاز والباكستان وفي المغرب، وفي كل بلد إسلامي له حكومة تحكمه وحدود تحده.
ومن السهل تطبيق النظريات الإسلامية اليوم، ولكن تطبيقها من كل دولة إسلامية أن تعتبر نفسها ممثلة للإسلام في جميع بقاع العالم ولا في داخل حدودها فقط، فمثلاً إذا أردنا أن نطبق نظرية أبي حنيفة في مصر فإننا نعاقب أولاً كل من يرتكب جريمة داخل حدود البلاد المصرية مسلماً كان الجاني أو ذمياً، مصرياً أو شامياً أو عراقياً أو فلسطينياً أو فارسياً، وهكذا؛ لأن كل فرد من رعايا أية دولة إسلامية لا يعتبر أجنبياً بالنسبة لأية دولة إسلامية أخرى، ولأن بلاد الإسلام كلها دار واحدة تحكمها شريعة واحدة، ونعاقب ثانياً كل هؤلاء على أية جريمة يرتكبونها في أي بلد إسلامي آخر، سواء كانوا يقيمون في مصر إقامة دائمة أو إقامة مؤقتة، بشرط أن لا يكونوا قد عوقبوا على هذه الجريمة في محل ارتكابها، أو في أي بلد إسلامي آخر بغير العقوبة التي توجبها الشريعة، وجب أن يعاقبوا مرة ثانية بالعقوبة المقررة في الشريعة؛ لأن بلاد الإسلام كلها دار واحدة مهما اختلفت حكوماتها، ولأن الإسلام يوجب على كل دولة إسلامية أن تقيم أحكامه وأن تبادر إلى تغيير المنكر والنهي عنه، ومن تغيير المنكر أن تبادر الدولة بتوقيع العقوبة التي توجبها الشريعة على من استحقها.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 292