اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 233
الشريعة، ويشترط في هذه التشريعات قبل كل شئ أن تكون متفقة مع مبادئ الشريعة العامة وروحها التشريعية، فهي تشريعات توضع بقصد تنفيذ مبادئ الشريعة العامة، وإذن فهي في حقيقتها نوع آخر من التشريعات التنفيذية.
12 - إن أولي الأمر حين يتولون التشريع المقيد على الوجه السابق يقومون به إما باعتبارهم خلفاء للرسول أو نواباً عن الجماعة الإسلامية: فإن كانوا خلفاء للرسول فليس لهم أن يخرجوا على ما جاء به الرسول؛ لأنهم خلفوا بقصد تنفيذ ما جاء به، وإن كانوا نواباً عن الجماعة الإسلامية فليس لهم أن يخرجوا على ما تدين به هذه الجماعة وما تؤمن به، وإلا خرجوا على حدود النيابة، لأن الجماعة لم تقمهم حكاماً إلا لإقامة الدين وحكم الجماعة على أساس الشريعة الإسلامية.
فأولي الأمر - أياً كان السند الذي يستندون إليه في حق التشريع - ليس لهم أن يخرجوا على نصوص الشريعة أو مبادئها العامة أو روحها التشريعية.
13 - إن الشريعة الإسلامية هي الدستور الأساسي للمسلمين: كما تبين مما سبق، فكل ما يوافق هذا الدستور فهو صحيح، وكل ما يخالف هذا الدستور فهو باطل، مهما تغيرت الأزمان وتطورت الآراء في التشريع؛ لأن الشريعة جاءت من عند الله على لسان رسوله ليعمل بها في كل زمان وكل مكان، فتطبيقها ليس محدوداً بزمن، ولا مقصوراً على أشخاص ولا أجيال أو أجناس، وهي واجبة التطبيق حتى تلغى أو تنسخ، ولا يمكن أن تلغى أو تنسخ؛ لأن القاعدة الأساسية في الشريعة الإسلامية بل وفي القوانين الوضعية الحديثة أن النصوص لا ينسخها إلا نصوص في مثل قوتها أو أقوى منها، أي نصوص صادرة من نفس الشارع أو من هيئة لها سلطان التشريع مثل ما للهيئة التي أصدرت النصوص المراد نسخها، أو من هيئة يزيد سلطانها التشريعي على سلطان من أصدر النصوص المطلوب نسخها، فالنصوص الناسخة إذن يجب أن تكون قرآناً أو سنة حتى يمكن أن تنسخ ما لدينا من قرآن وسنة، وليس بعد الرسول قرآن حيث انقطع الوحي، ولا سنة حيث توفى الرسول،
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 233