اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 148
وتقديرها، كما ترك له أن يمضي العقوبة أو يوقف تنفيذها.
105 - لا جريمة ولا عقوبة في التعزير بغير نص: وظاهر مما سبق أن الشريعة الإسلامية نصت على جرائم التعزير وعقوباتها، وعينت الجرائم وحددت العقوبات تحديداً دقيقاً بحيث لا يستطيع القاضي أن يعاقب على فعل لم تحرمه الشريعة، ولا يستطيع أن يعاقب بغير العقوبات المقررة للتعازير، ولا أن يخرج على حدودها.
وإذا كانت هذه هي شهادة النصوص الصريحة، وشهادة الواقع الملموس، فإن القول بأن للقاضي سلطة تحكمية في جرائم التعزير هو قول لا أساس له، ولا نكون مغالين إذن إذا قلنا: إن أساس هذا القول هو قلة الاطلاع أو سوء الفهم، فالحقيقة التي لا يجادل فيها إلا مكابر أن كل من أوتي حظاً من الاطلاع على نصوص الشريعة، وقدرة على تفهم أساليب الفقهاء واصطلاحاتهم، يعلم حق العلم أن القاضي ليس له سلطة تحكمية ولا غير تحكمية في تعيين الجرائم والعقوبات، وأن نصوص الشريعة تكفلت ببيان الجريمة والعقوبة، وأن سلطة القاضي منحصرة في تطبيق النص على الواقعة المعروضة عليه، فإن انطبق وقع على الجاني العقوبة، ولكن الشريعة أعطت القاضي سلطة واسعة في اختيار العقوبة التي يراها ملائمة من بين عقوبات مقررة للجريمة، وجعلت له أن ينظر في اختيار العقوبة إلى شخصية المتهم وسوابقه، ودرجة تأثره بالعقوبة، كما ينظر إلى الجريمة وأثرها في الجماعة، وجعلت للقاضي أن يعاقب بعقوبة واحدة أو بأكثر منها، وأن يصعد بالعقوبة إلى حدها الأعلى، أو ينزل بها إلى حدها الأدنى، وله أن يعاقب المتهم بوعظه أو توبيخه أو تهديده، فينذره بأن لا يعود لمثل ما فعل، وله أن يعاقب بأشد من ذلك، بحبس أو بغرامة، وله أن يمضي العقوبة أو يوقف تنفيذها.
هذه هي سلطة القاضي في الشريعة، وهي ليست سلطة تحكمية، وإنما هي
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 148