اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 146
فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} [النساء: 34] ، فهذا النص القرآني يفرض ثلاث عقوبات تعزيرية على المرأة لا تطيع زوجها، وهي الوعظ، والهجر، والضرب، ولما كان النشوز وعدم الطاعة معصية لا حد فيها ولا كفارة، فمعنى ذلك أن هذه العقوبات فرضت لكل معصية لا حد فيها ولا كفارة.
وإذا كان الهجر في المضاجع عقوبة خاصة بالمرأة لا يملكه إلا الزوج، فإن الهجر في المضاجع ليس إلا نوعاً من الهجر، وقد أمر الرسول بهجر الثلاثة الذين خلفوا، وأمر عمر بهجر صبيع، فالهجر عقوبة عامة معناها المقاطعة وحدها توبة المهجور [1] .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رحم الله امرأ علق سوطه بحيث يراه أهله"، وقال: "لا ترفع عصاك عن أهلك"، وقال: "علموا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم على تركها لعشر"، وقال: "من بلغ حداًً في غير حد فهو من المعتدين"، فهذه النصوص تفرض عقوبتين: أولاهما: التهديد بالعقاب والتخويف منه، وهذا ما يستفاد من تعليق السوط بحيث يرى وعدم رفع العصا.
والثانية: هي الضرب بالعصا أو الجلد بالسوط، والنص الأخير صريح في جواز الجلد في غير الحدود، كما أنه يعين الحد الأعلى بعقوبة الجلد على رأى.
فالقرآن والسنة يفرضان عقوبات الوعظ والهجر والتهديد والجلد، وعقوبة الجلد والضرب ذات حدين بطبيعتها، ويرى البعض أن الحديث السابق عين الحد الأعلى للعقوبة، بينما يرى البعض أن الحد الأعلى يعينه ولي الأمر [2] .
أما عقوبة الوعظ والتهديد فكلاهما عقوبة ذات حد واحد بطبيعتها، أما حد عقوبة الهجر فهو توبة المهجور، كما قلنا من قبل. [1] تراجع الفقرات 481، 487، 488. [2] راجع الفقرة 481.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 146