وضع هذا الدستور عن طريق قنصلها في تونس، كما أن الباي قد عرض مسودة الدستور على نابليون الثالث إمبراطور فرنسا، وقد نص الدستور على وجوب الاهتداء بالشريعة الإسلامية تأسيسا على أن الإسلام هو الدين الرسمي لتونس وأن الباي والسكان مسلمون [1] ويتبين من ملابسات إصدار هذا الدستور أنه كان نتيجة للنفوذ الأوروبي كما أن مضمونه كان متأثرا بالدساتير الأوروبية [2] ولن نتوسع في الحديث عن هذا الدستور؛ لأن الحديث في الفقرة التالية سوف يكون عن الدستور العثماني الذي تتشابه ظروف إصدارة مع إصدار الدستور التونسي كما أن تونس كانت في ذلك الوقت تحت السيادة العثمانية ولو كان ذلك اسميا.
[الدستور العثماني]
2 - الدستور العثماني: أ - نبذة عن الأوضاع القانونية في الدولة العثمانية: قبل الحديث عن الدستور العثماني، يحسن بنا استعراض الأوضاع القانونية في الدولة العثمانية بشيء من الإيجاز، فالدولة العثمانية كانت تعتمد على الشريعة الإسلامية، وكان القضاء بالشريعة هو القضاء النافذ والمعمول به، فكانت الشريعة الإسلامية هي القانون الأساس، وكانت الدولة تحرص على أن تصبغ أعمالها بصبغة الشريعة، فكانت تلجأ إلى المفتي تستفتيه عندما تريد أن تضع قانونا سياسيا، أو نظاما عسكريا، وكثيرا ما كانت تتفاوض معه في القضية التي ستعرض عليه، ولقد ظهر في ميدان القانون خاصة المحاولة الجادة من العثمانيين لجعل الإسلام الأساس الصحيح للحياة الخاصة والعامة، ولجعل الشريعة القانون النافذ للدولة، وتطبيقها في جميع أنحاء البلاد [3] . [1] د. محمد السيد سليم ومحمد مفتي، الإسلام في دساتير الدول الإسلامية، ص10. [2] المرجع السابق، ص11. [3] عبد الكريم المشهداني، العلمانية وآثارها على الأوضاع الإسلامية في تركيا، 48 - 50، طبعة أولى، المكتبة الدولية، الرياض 1403هـ.