العهود بناء على القواعد الدستورية في القرآن الكريم، والسنة النبوية، والسوابق الدستورية، والاجتهاد فيما يستجد من الوقائع، التي تؤسس مجتمعة الكيان القانوني أو الشرعي للهيئات الحاكمة في الدولة الإسلامية، وتحدد الإطار القانوني لنشاط تلك الهيئات، إضافة إلى بيان تفصيلي للحقوق والحريات [1] .
ويضاف إلى تلك القواعد الدستورية ما يصدر عن الخلفاء من كتب ومواثيق إلى الوزراء والولاة وأمراء الأجناد والقضاة، مما يتعلق بمواضيع الدستور، فمن مجموع القواعد الأصلية في القرآن والسنة، والسوابق الدستورية، والاجتهاد في الوقائع، والوثائق الدستورية، يتكون دستور غير مدون ويختلف في تفصيلاته من عهد إلى عهد، فالتطبيقات في عصر الدولة الأموية ليست كالتطبيقات في الدولة العباسية، وهي غيرها في الدولة العثمانية، بل وحتى في عصر دولة واحدة قد تختلف التطبيقات باختلاف الزمن والوضع الدستوري، ففي عهد الدولة الأموية مثلا نجده يختلف في عصر عمر بن عبد العزيز رحمه الله عن غيره من الخلفاء، فلكل زمن تطبيقاته الدستورية المتكيفة مع الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لهذا الزمن.
وسبق القول: إن تدوين الدستور وعدم تدوينه ليس له تأثير على قانونية الدولة، فالمهم هو وجود القواعد الدستورية والعمل بها، دون النظر إلى كونها مجموعة في وثيقة واحدة أو متفرقة في عدة وثائق، أو أعراف دستورية أو غير ذلك [2] . [1] د. منير البياتي، الدولة القانونية والنظام السياسي الإسلامي، ص 71. [2] المرجع السابق، ص 68، ص 51.