أن النبي صلى الله عليه وسلم «وادع اليهود لما قدم المدينة، وامتنعوا من اتباعه، فكتب بينهم كتابا» [1] .
وقال ابن القيم رحمه الله في أحكام أهل الذمة: «. . . إن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وادع جميع اليهود، الذين كانوا بها موادعة مطلقة، ولم يضرب عليهم جزية» ، وهذا مشهور عند أهل العلم بمنزلة التواتر بينهم، قال الشافعي رحمه الله: لم أعلم مخالفا من أهل العلم بالسير أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما نزل المدينة وادع يهود كافة على غير جزية، وهو كما قال الشافعي رحمه الله تعالى، وذلك أن المدينة كان فيما حولها ثلاثة أصناف من اليهود: بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، وكانوا (بنو قينقاع وبنو النضير) حلفاء الخزرج، وكانوا (قريظة) حلفاء الأوس، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم هادنهم ووادعهم مع إقراره لهم ولمن كان حول المدينة من المشركين من حلفاء الأنصار على حلفهم وعهدهم الذي كانوا عليه حتى أنه عاهد اليهود أن يعينوه إذا حارب، ثم نقض العهد بنو قينقاع، ثم النضير، ثم قريظة.
قال محمد بن إسحاق: وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أول ما قدم المدينة كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه يهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم واشترط عليه وشرط لهم. قال بن إسحاق حدثني عثمان بن محمد بن عثمان بن الأخنس بن شريق قال: (أخذت من آل عمر بن الخطاب هذا الكتاب كان مقرونا بكتاب الصدقة الذي كتب للعمال) [2] ثم ذكر نحو نص الوثيقة التي نحن بصددها الآن، ثم قال: [1] ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري: ص 275، جـ7، نشر الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الرياض. [2] ابن القيم، أحكام أهل الذمة، ج 2 ص 834 - 835، طبعة ثانية، دار العلم للملايين ببيروت 1401هـ.